responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 482

و إن كانوا بشرا فهم أحياء ناطقون مميّزون، علماء مشاكلون للملائكة بنفوسهم الزكيّة، يعرفون اللّه حق معرفته، و التقرّب إلى اللّه تعالى بهم أولى و أهدى و أحق من التوسّل بالأصنام الخرس التي لا تسمع و لا تبصر، و لا تغني عنك شيئا.

ثم اعلم أنّا نبيّن هاهنا بدء عبادة الأصنام، فنقول إنّ بدء عبادة الأمم للأصنام أولا كان عبادة الكواكب، و بدء عبادة الكواكب كان عبادة الملائكة، و سبب عبادة الملائكة كان التوسّل بهم إلى اللّه تعالى و طلب القربة إليه: و ذلك أن الحكماء الأولين، لما عرفوا، بذكاء نفوسهم و صفاء أذهانهم، أن للعالم صانعا حكيما، و ذلك لتأمّلهم عجائب مصنوعاته، و تفكّرهم في غرائب مخلوقاته، و اعتبارهم تصاريف أحوال مخترعاته، و لما تحقّقت في نفوسهم هويّته، أقروا له عند ذلك بالوحدانية، و وصفوه بالرّبوبيّة، و لما علموا أن له ملائكة هم صفوته من خلقه و خالص عباده من بريّته، طلبوا عند ذلك إلى اللّه القربة و توسّلوا إليه بهم، و طلبوا الزّلفى لديه بالتعظيم لهم، كما يفعل أبناء الدنيا و يطلبون القربة إلى ملوكهم بالتوسل إليهم بأقرب المختصين بهم، و كان من الناس من يتوسّل إلى الملك بأقاربه و ندمائه و وزرائه و كتّابه و خواصّه و قواده و بمن يمكنه بحسب ما يتأتى له، الأقرب فالأقرب و الأدنى فالأدنى، كلّ ذلك طلبا للقربة إليه و الزّلفى لديه.

فهكذا و على هذا المثال فعلت الحكماء و أهل الديانات، و من عرف اللّه و آمن به و أقرّ به، فإنهم طلبوا القربة إليه و الزلفى عنده: كلّ واحد بحسب ما أمكنه و تأتى له و أدى إليه اجتهاده و تحقّق في نفسه.

فلما مضى أولئك الحكماء و الرّبّانيون العارفون بالله حقّ معرفته و انقرضوا، خلفهم قوم آخرون لم يكونوا مثلهم في المعرفة و العلم، و لم يعرفوا مغزاهم في دياناتهم، فأرادوا الاقتداء بهم في سيرتهم، و اتخذوا أصناما على مثل صورتهم؛ و صوروا تماثيل على مثل ما فعلت النصارى في بيعهم من التماثيل‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 482
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست