responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 473

بشي‌ء غير كون الصورة في الهيولى. و أما الإبداع و الاختراع فهو إيجاد شي‌ء لا من شي‌ء، و هذه المعرفة. و تصوّر هذه الحكومة يبعد عن كثير من المرتاضين بالرياضات الحكميّة، فكيف على غيرهم.

ثم اعلم أن الذين قالوا بقدم الهيولى إنما دعاهم إلى هذا النظر و الرأي نظرهم إلى الموجودات الجزئيّات التي دون فلك القمر، و اعتبارهم هذه الكائنات الفاسدات من المعادن و النبات و الحيوان، و ذلك أنهم وجدوا كلّ مصنوع بشري و طبيعي مركّبا من هيولى ساذج، لا شكل فيه قبل تصوير الصانع له بذلك الشكل، و إذا خلا ذلك المصنوع زمانا طويلا، اندرس و اضمحلّ، و انخلعت الصورة عنها، و رجعت إلى حالتها الأولى ترابا. مثال ذلك البنايات المتّخذة في المدن و القرى: و ذلك أنهم رأوا صنّاعها جمعوا التراب و الخشب و بنوها، ثم يحفظونها بالمرمّات‌[1] لتدوم زمانا، فإذا خلت زمانا طويلا، تهدمت و اندرست، و اضمحلت، و صارت ترابا و حجارة، كما كانت بديّا. و هكذا حكم النبات و الحيوان و المعادن التي هي مصنوعات طبيعية فإنها تصير كلها يوما ترابا و إن طال الزمان.

فعلى هذا القياس و الاعتبار حكموا على الهيولى الأولى و صنعة الباري فيها العالم و حفظه على ما هو عليه الآن من النقش و التصاوير و الأشكال و الهيئات المختصّة بفلك فلك، و كوكب كوكب، و ركن ركن، و أجناس الحيوانات أجمع، و النبات و المعادن واحدا واحدا.

و أما الهيولى التي لا كيفيّة فيها فليست هي محتاجة في وجودها إلى صانع و فاعل- بزعمهم- فهذا كان اعتبارهم، و إلى هذا الموضع كان مبلغ اجتهادهم.

فأما الذين قالوا بحدوث الهيولى فإنهم نظروا أدقّ نظر من أولئك، و تأملوا أجود من تأملهم، و بحثوا أشد بحثا منهم، كما بيّنّا فيما تقدّم ذكر ذلك، فاطلبه من هناك.


[1] -المرمّات: الاصلاحات.

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 473
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست