صلاحهم، و ينهونهم عنه مما فيه فسادهم و
هلاكهم: «وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً، وَ إِنْ
جاهَداكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما».
و منه طاعة الصبيان للمعلمين في قبول التأديب فيما هو صلاح لهم. و منها طاعة
التلامذة للأستاذين في قبولهم تعليم الصنائع لهم. و منها طاعة الأزواج لبعولتهنّ
فيما يأمروهن من لزوم المنزل و التصوّن الذي فيه صلاحهن. و منها طاعة المرضى
للأطباء في الحمية و شرب الأدوية مما فيه صلاحهم و برؤهم. و منها طاعة الجهّال
للعلماء فيما يأمرونهم بالتمسك بأمر الدين و اجتناب المحارم بما هو صلاح لهم. و
منها طاعة الرعيّة للسلطان العادل فيما يأمرهم به من المعروف و ينهاهم عن المنكر،
و منعهم من ظلم بعضهم بعضا مما فيه صلاحهم. و منها طاعة السلاطين و الأمراء و
الملوك لخلفاء الأنبياء، :، فيما يولّونهم من البلدان و جباية الخراج،
و محاربة الخوارج و الأعداء، و حفظ الثغور و تحصين البيضة فيما فيه صلاح لهم و
صلاح الرعيّة منهم. و منها طاعة الخلفاء للأنبياء، :، فيما رسموا لهم من
حفظ الشريعة على الأمّة و إقامة السّنّة على أهل الملة. و منها طاعة الأنبياء،
:، للملائكة فيما تلقي إليهم من الوحي و الأنباء في تدوين الكتب
المنزلة، و وضع الشريعة و إيضاح السّنة، و جمع شمل الأمّة و تأليف قلوب الجماعة،
بإبلاغ الوصيّة و بإظهار الدعوة فيما فيه صلاح الكلّ و نفع الجميع. و منها طاعة
الملائكة لرب العالمين فيما قضت من عبادته، و وكّلت به من تدبير بريّته و حفظ
خليقته، مما فيه صلاح للجميع و نفع للعموم، و بقاء للعالم و دوام الخليقة، و
البلوغ بها إلى أقصى مدى غاياتها التي هي السعادة العظمى.
فهذا هو الدين النبويّ الحنيفي، و المنهاج السني و السّيرة الملكيّة،
و هو أن يكون كلّ مرءوس ينقاد لطاعة رئيسه و لا يعصيه فيما يأمره به و ينهاه عنه
فيما فيه صلاح للجميع.
و إذ قد تبيّن مما ذكرنا ما الدين الحنيفيّ، و المذهب الرّبّانيّ، و
الاعتقاد