الرسالة الأولى في الآراء و الديانات في العلوم الناموسية الالهية
و الشرعية (و هي الرسالة الثانية و الأربعون من رسائل إخوان الصفاء)
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون؟
اعلم، أيها الأخ، أنّا قد فرغنا من رسالة الحدود و الرسوم التي هي
آخر رسائل النفسانيات العقليات، حسب ما وعدنا في فهرست صدر كتابنا هذا، فنريد الآن
أن نذكر في هذا القسم الرابع الكلام في الإلهيات، و هو الغرض الأقصى، و الغاية
القصوى، فنبدأ أولا بالرسالة الأولى منها في الآراء و الديانات فنقول:
اعلم أن الناس مختلفون في آرائهم و مذاهبهم، كما هم مختلفون في صور
أبدانهم، و أخلاق نفوسهم و أعمالهم و صنائعهم. و اعلم أن سبب اختلاف أخلاقهم هو من
أربع جهات: إحداها من جهة اختلاف تركيب أبدانهم و مزاج أخلاطها، و الأخرى من جهة
اختلاف ترب بلادهم و تغيّرات أهويتها و الأزمان التي تنشأ فيها، و الأخرى من جهة
نشوئهم على عادات آبائهم في سنن دياناتهم، و على عادات من يربّيهم و يؤدّبهم، و
الأخرى من جهة أشكال