عليها، اختفت الحرارة في باطن الأجسام،
فأحرقتها، لأن الحرارة هي الفاعلة، و الرطوبة هي الهيولى القابلة للصورة. و
الحرارة أيضا، بتمدّد الحركة إلى فوق، تكون في مخرجها نحو اليمين و القدّام، و إلى
فوق من ناحية القلب، لأن القلب أفضل أجزاء البدن، و ليس بأفضل من البدن؛ و عروق الشجرة
أفضل أجزائها، و ليس أفضل منها. فالصغار بكثرتها تقاوم الكبار لقلتها، و من أجل أن
المحرّك الأول واحد، صار لكل كائن فعله في مثله مماثلا للأول الواحد، و كل مبدئ
واحد أول ما ينبعث من القلب في بدن الحيوان، فإنه يبدو منه عرقان اثنان: واحد
لأعلى البدن، و الآخر لأسفله. و من بدن النبات يبدو عرقان: أحدهما ينزل إلى أسفل و
يتناول المادّة من الأرض و الماء، بحسب ما يكون سبب حياته، و الآخر يرقيه إلى فوق
ليتغذى به، فتكون منه تربية البدن و الورق و الثمر.
فصل
ثم اعلم أن العدد هو أحد الرياضات الحكمية، و ذلك أن الوحدة الموجودة
في الواحد الموهوم هي أصل العدد و منشؤه، و هو لا جزء له. و العدد هو كثرة الآحاد
المجتمعة، و هو صورة تطبع في نفس العادّ من تكرار الوحدة.
و المعدودات هي الأشياء التي تعدّ، و الحساب هو جمع العدد و تفريقه،
و المحسوبات هي الأشياء التي عرفت مقاديرها.
فالعدد منه أزواج و منه أفراد، و الزوج هو كل عدد له نصف صحيح، و
الفرد هو كل عدد يزيد على الزوج بواحد. و العدد منه صحيح و منه كسور، فالعدد
الصحيح هو كل ما يشار إليه بإحدى عشرة لفظة أصلية، و هي: اثنان، ثلاثة، أربعة،
خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، عشرة، مائة، ألف، و ما تركب منها و هي هذه: عشرون،
ثلاثون، أربعون، خمسون،