responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 357

أن علّة اختلاف الموصوفات هي من أجل اختلاف الصفات، و أما اختلاف الصفات فهي لأنفسها، لأن اللّه تعالى أبدعها مختلفة بأعيانها لا لعلّة فيها.

و المثال في ذلك اختلاف حال الأسود و الأبيض، فإنه من أجل اختلاف السواد و البياض في ذاتيهما لا لعلة أخرى. فمن ظن أن السواد و البياض لهما علة أخرى تمادى إلى غير النهاية! و ذلك أن الأسود هو موصوف، و إنما كان أسود لكون السواد فيه، فهكذا الأبيض إنما كان أبيض لكون البياض فيه.

فأما السواد و البياض فإنهما في أنفسهما مختلفان، لا لصنعة فيهما بل بذاتيهما مختلفان، لأن اللّه تعالى أبدعهما هكذا مختلفي الذاتين. فهذا معنى قول الحكماء: إن السواد سواد لنفسه لا لصفة فيه، و لم يريدوا أن السواد ليس بجعل جاعل و لا بصنع صانع، كما توهم كثير من الناس الذين هم غير مرتاضين بالحكمة و لا متحقّقين بالشريعة.

ثم اعلم أن العجز هو أحد الأسباب التي تعوق الفاعل عن إظهار أفعاله، و الصانع عن إحكام صنعه، و لكن ربما يكون من الفاعل لضعف قوته و لقلّة معرفته، و ربما كان من عدم الأدوات و الآلات التي يحتاج إليها الصانع في إحكام صنعته، أو من عدم المكان و الزمان و الحركات و ما شاكلها، أو ربما يكون العجز من قبل الهيولى و عسر قبولها الصورة من الصانع الحكيم.

مثال ذلك تعسّر قبول الحديد من الحدّاد أن يفتل من الحديد البارد حبلا طويلا كما يفتل الحبال من القنّب، فليس العجز من الحدّاد و لكن من الحديد لعسر قبوله للفتل. و مثل الهواء لا يقبل كتابة الكاتب فيه لسيلان عنصره.

و مثل النجّار لا يقدر أن يعمل سلّما يبلغ السماء لعدم الخشب، لا لعجز فيه. و مثل رجل حكيم لا يقدر أن يعلّم الطفل لا لعجز في الحكيم، بل لأن الطفل غير مستعدّ لقبول ذلك في حال الطفولية. و على هذا القياس يوجد العجز من الهيولى و عسر قبولها للصور، لا لعجز في الصانع الحكيم.

ثم اعلم أن كثيرا من العلماء لا يعرفون كيفيّة العجز من الهيولى و لا

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست