الرسالة الخامسة عشرة من الجسمانيات
الطبيعيات في حكمة الموت و الحياة (و هي الرسالة التاسعة و العشرون من رسائل إخوان
الصفاء)
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون؟
فصل
اعلم أيها الأخ البارّ الرحيم، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أنه لما
فرغنا من بيان طاقة الإنسان في المعارف إلى أي حدّ تنتهي، و بيّنّا الغرض من
النواميس الشرعية النبوية و العلوم الحكمية الحقيقية، و هو تهذيب النفس فحسب، و
استدعاء الخلق إلى اللّه تعالى، فنريد أن نذكر في هذه الرسالة ماهيّة حكمة الموت و
الحياة، و ما الحكمة في وجودهما، فنقول: اعلم أن افتتاح جميع العلوم الحقيقية هو
في معرفة الإنسان نفسه. و لما كان الإنسان هو جملة مجموعة من جوهرين متباينين و
أعراض تحلهما، أحدهما هذا الجسد الجسماني، و الآخر هو النفس الروحانية، كما بيّنّا
في الرسالة التي ذكرنا فيها أن الإنسان عالم صغير؛ و كان جوهر النفس أشرف من جوهر
الجسد،