التسكين أسهل من التحريك، يعلمه كلّ عاقل
منصف بحكم العقل.
و أما حركات أشخاص الحيوانات فهي مختلفة الجهات و الأشكال و الهيئات
و الصّور، لا يعلم عددها إلا اللّه الواحد القهّار، و لا يقدر أحد على تفصيلها
إلّا هو. و لكن نذكر منها طرفا من فنون حركات أعضاء بدن الإنسان و مفاصل جسده،
ليكون دلالة على حركات أبدان سائر الحيوانات و أعضائها كلّها المختلفة الأشكال و
الصّور.
فصل
فنقول: اعلم أن حركات أعضاء البدن نوعان: طبيعية و إراديّة،
فالطبيعية مثل حركات نبض العروق الضّوارب و حركات أضلاع صدره و فؤاده و رئته و
حلقومه، عند استنشاقه الهواء، و إرساله في حال النوم و اليقظة من غير إرادة منه و
لا اختيار.
و أما الحركات الإرادية و الاختيارية فمثل القيام و القعود و الذهاب
و المجيء و الصنائع و الأعمال و الكلام و الإشارات بأعضاء بدنه، فإنه لا يكون
إلّا بإرادة و اختيار منه، و هي مائة و نيّف و عشرون حركة، منها حركات لجفن العين
بالفتح و الإطباق. و منها حركة نقل حدقتيه إلى أربع جهات، فوق و تحت و يمين و
يسار، يحركها بأعصاب ممتدّة من الدّماغ إلى جرم العين، و بالعضلات المتّصلة
بالعين، فهو يقلّب عينه بتلك العضلات و الأعصاب متى شاء إلى الجهات كلّها، كما
يجذب الفارس لجام فرسه يمنة و يسرة، و يصرّفه كيف يشاء في تقلّب عينه، و يحرّكها
إلى حيث يريد أن ينظر إليه بتلك الأعصاب. و منها حركات اللسان إلى ست جهات لمضغ
الطعام و تقليبه تحت أسنانه للقطع و الكسر و الدّقّ و الطحن، و القطع بالثنايا، و
الكسر بالرباعيات[1]
[1] -الرباعيات: الاسنان التي بين الثنايا و الانياب.