و أما الأسباب المحرّكة للهواء، المموّجة له، فمنها ما هو من جهة
مطارح الشّعاعات من الكواكب، و نزول القمر منازله الثماني و العشرين، و اتصالاته
بالكواكب. و قد ذكرنا طرفا من كيفية ذلك في رسالة الآثار العلوية، فيطلب من هناك.
و أما حركات الشهب فهي أيضا إلى الجهات الأربع، أو نكباواتها بحسب
القوة الدافعة لها من مطارح شعاعات الكواكب. و ليست حركاتها بأسرع من حركات
الكواكب في أفلاكها، و لكن لقربها منا نراها أسرع حركة من الكواكب.
و أما حركات السحاب و الغيوم فإلى هذه الجهات الأربع أيضا نكباواتها،
و هي بحسب مهبّ الرياح التي تسوقها من سواحل البحار و الآجام و الأنهار إلى
البلدان المقصود بها من البراري و القفار و رءوس الجبال، منتصبا أو مواربا[1].
و أما حركات قطر الأمطار فكلها تجري من جو الهواء إلى الأرض و
البحار، منتصبا أو مواربا.
و أما حركات الأرض فهي ثلاثة أنواع: منها الزلازل، و منها الخسوف، و
منها الارجحنان[2]، فأما سبب
الزلزلة فهو البخار المحتقن في باطن الأرض، يطلب الخروج، فيهز بعض بقاع الأرض، و
تضطرب و ترتعد، كما يرتعد المحموم عند شدة الحمى. و سبب ذلك هو رطوبة عفنة في خلل
الأبدان، فتشتعل منها الحرارة العرضية، فتذيبها و تحللها، و تصيّرها دخانا و بخارا
يخرج من مسامّ خلل الأبدان، فيهتز من ذلك البدن كله أو عضو منه، و يرتعد. و لا
يزال البدن كذلك إلى أن تخرج تلك البخارات و الدّخانات من