ثم اعلم أن في كل ثلاثة آلاف سنة تنتقل
الكواكب الثابتة، و أوجات الكواكب السيّارة، و جوزهراتها في البروج و درجاتها. و
في كل تسعة آلاف سنة تنتقل من ربع إلى ربع من أرباع الفلك. و في كل ستة و ثلاثين
ألف سنة تدور في البروج الاثني عشر دورة واحدة فبهذا السبب تختلف شعاعات الكواكب
على بقاع الأرض، و أهوية البلاد، و يختلف تعاقب الليل و النهار، و الشتاء و الصيف
عليها، إمّا باعتدال و استواء، و إمّا بالزيادة و النّقصان، و إفراط الحرارة و
البرودة، و اعتداله بينهما. و يكون هذا أسبابا و عللا لاختلاف أحوال أرباع الأرض،
و تغيّرات أهوية البلاد و البقاع، و تبدّلها بالصفات من حال إلى حال- يعرف حقيقة
ما قلنا المتحذلقون في المجسطي و أحكام القرانات- و يصير بهذه العلل و الأسباب
زوال الملك و الدول، و انتقاله من قوم إلى قوم، و تغييرات العمارات من ربع إلى ربع
آخر.
و تكون هذه بموجبات أحكام القرانان الكائنة في الوقت و الزمان، من
جهة القرانات و الأدوار، في كل ألف سنة مرّة واحدة، و في كل اثنين و عشرين ألف سنة
أو في كل ستة و ثلاثين ألف سنة مرّة؛ و القرانات الدالّة على قوّة النّحوس، و فساد
الزمان، و خروج الناس عن الاعتدال، و انقطاع الوحي، و قلّة العلماء، و موت
الأخيار، و جور الملوك، و فساد الأخلاق للناس، و شرّ أعمالهم، و اختلاف آرائهم. و
يمنح نزول البركات من السماء بالغيث فلا تزكى الأرض، و يجفّ النبات، و يهلك
الحيوان، و تخرب المدن و البلاد، إذ هي بروز آخر القران؛ و القرانات الدالة على
قوّة السعود، و اعتدال الزمان، و استواء طبيعة الأركان، و الحدوث بوحي الأنبياء،
:، و تواتره، و كثرة الأنبياء و عدل الملوك، و بركات السماء بالغيث، و
تزكو الأرض و النبات، و يكثر تولّد الحيوان، و تعمر البلاد، و يكثر بنيان المدن و
القرى؛ و كلّ ذاك بأمر بارئها على حسب أفعال العباد من الخير و الشر، جزاء
لأعمالهم. فانتبه، أيها الأخ، من نوم الغفلة و قدة الجهالة، و اعلم