الرسالة الرابعة من النفسانيات العقليات
في العقل و المعقول (و هي الرسالة الخامسة و الثلاثون من رسائل إخوان الصفاء)
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون؟
اعلم أيها الأخ، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أنّا قد فرغنا من
بيان قول الحكماء إن العالم إنسان كبير، و أوردنا المثالات و الإشارات و التشبيهات
حسب ما جرت عادة إخواننا الكرام. قد سبق منا ذكر المبادي العقلية، و بيّنّا فيه
كيفية اختراع الموجودات و تكوين المخلوقات، و كذلك قد سبق منا في رسالة الحاس و
المحسوس بيان أن المحسوسات كلّها أعراض جسمانية و هي كلّها في الهيولى الجسماني، و
أن إدراك النفس لها بطريق الحواس بقوتها الحاسة، و أن الحواس كلها آلات جسدانية، و
أن الحس هو تغيير مزاج تلك الحواس عند مباشرة المحسوسات لها، و أن الإحساس هو شعور
القوى الحسّاسة بتغيير تلك الأمزجة. فنريد أن نذكر في هذه الرسالة الملقبة بالعقل
و المعقول و نبين أن المعقولات أيضا كلها صور روحانية تراها النفس في ذاتها، و
تعاينها في جوهرها بعد مشاهدتها لها في الهيولى بطريق الحواسّ، إذا هي