responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 228

التي إذا طال طلع من هناك. و هذه الأفعال تدلّ على أن له حسّا و تمييزا بمقدار الحاجة. فأما حسّ الألم فليس للنبات، و ذلك لأنه لم يلق بالحكمة الإلهية أن تجعل للنبات ألما، و هي لم تجعل له حيلة الدفع، كما جعلت للحيوان، و ذلك أن الحيوان لما جعل له أن يحسّ بالألم، جعلت له أيضا حيلة الدفع إما بالفرار و الهرب، و إما بالتحرّز، و إما بالممانعة. فقد بان مما وصفنا كيفية مرتبة الحيوانية مما يلي النبات، فنريد أن نذكر و نبيّن كيفية مرتبة الحيوانية مما يلي الإنسانية- ليست من وجه واحد و لكن من عدّة وجوه- و ذلك أن رتبة الإنسانية لما كانت معدن الفضائل و ينبوع المناقب لم يستوعبها نوع واحد من الحيوان، و لكن عدّة أنواع، فمنها ما قارب رتبة الإنسانية بصورة جسده مثل القرد، و منها بالأخلاق النفسانية كالفرس في كثير من أخلاقه و كالطائر الإنسيّ أيضا، و مثل الفيل في ذكائه و كالببغاء و الهزار و نحوهما من الأطيار الكثيرة الأصوات و الألحان و النغمات، و مثل ذلك النحل اللطيف الصنائع، إلى ما شاكل هذه الأجناس. و ذلك أنه ما من حيوان يستعمله الناس أو يأنس بهم إلّا و له في نفسه شرف و قرب من نفس الانسانية.

فأما القرد فلقرب شكل جسده من شكل جسد الإنسان صارت نفسه تحاكي أفعال النفس الإنسانية و ذلك منه متعارف بيّن.

و أما الفرس الكريم فإنه قد بلغ من كرم أخلاقه أن صار مركبا للملوك، و ذلك أنه ربما بلغ من حسن أدبه أن لا يبول و لا يروث ما دام بحضرة الملك أو حامله. و له أيضا مع ذلك ذكاء و إقدام في الهيجاء و صبر على الطعن و الجراح، كما يكون للرجل الشجاع، كما وصف الشاعر حيث يقول:

و إذا شكا مهري إلي جراحة،

عند اختلاف الطعن، قلت له: أقدما

لما رآني لست أقبل عذره،

عضّ الصّميم على اللّجام و حمحما

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست