أواخر المعادن مما يلي النبات فهو الكمأة و
الفطر[1] و ما شاكل
ذلك. و ذلك أن هذا الجنس من الكائنات يتكوّن في التراب كالمعدن، ثم ينبت في
المواضع النديّة في أيام الربيع من الأمطار، كما ينبت النبات، و لكن من أجل أنه
ليس له ثمرة و لا ورقة، و يتكوّن في التراب كما تتكوّن الجواهر المعدنية و على
أشكالها، صار يشبه المعادن، و من جهة أخرى يشبه النبات.
فأما باقي أنواع الجواهر المعدنية ففيما بين هذين الحدّين، أعني
الجصّ و الكمأة، و قد بيّنا في رسالة أنواعها و أجناسها و خواصّها و منافعها.
و أما النبات، فأقول إن هذا الجنس من الكائنات متصل أوّله بالمعدن
كما بينّا في رسالة المعادن، و آخره بالحيوان أيضا. بيان ذلك أن أول مرتبة
النباتية و أدونها مما يلي التراب، و هو خضراء الدّمن، ليس بشيء سوى غبار يتلبد
على الأرض و الصخور و الأحجار، ثم يصيبه بلل الأمطار و ندى الليل، فتصبح بالغدوات
خضراء كأنها نبت زرع و حشائش، فإذا أصابها حرّ الشمس نصف النهار، رجعت، ثم تصبح من
غد مثل ذلك من نداوة الليل و طيب النسيم. و لا تنبت الكمأة و لا خضراء الدّمن إلّا
في أيام الربيع في البقاع المتجاورة لتقارب ما بينهما، لأن هذا معدنه نباتي، و ذلك
نبات معدني.