يجري مجرى جسم إنسان واحد أو حيوان واحد
بجميع أعضاء بدنه المختلفة الصور المفننة الأشكال، و أن حكم نفسه بجميع قواها
السارية في أجزاء جسمه، المحرّكة المدبّرة لأجناس الموجودات و أنواعها و أشخاصها،
كحكم نفس إنسان واحد أو حيوان واحد السارية في جميع أعضاء بدنه و مفاصل جسده،
المحرّكة المدبّرة لعضو عضو و حاسة حاسة من بدنه. و ذلك قول اللّه تعالى: «ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ»
و إذا قلنا نحن في رسائلنا:
الجسم الكليّ، فإنما نعني به جسم العالم بأسره. و إذا قلنا النفس
الكلية، فإنما نعني بها نفس العالم بأسره. و إذا قلنا العقل الكلي، فإنما نعني به
القوة الإلهية المؤيّدة للنفس الكلية. و إذا قلنا الطبيعة الكلية، فإنما نعني بها
قوة النفس الكلية، السارية في جميع الأجسام المحرّكة المدبّرة لها، المظهرة بها و
منها أفعالها و آثارها. و إذا قلنا الهيولى، فإنما نعني به الجوهر الذي له طول أو
عرض و عمق فهو بها جسم مطلق. و إذا قلنا الأجسام البسيطة، فإنما نعني بها الأفلاك
و الكواكب و الأركان الأربعة التي هي النار و الهواء و الماء و الأرض. و إذا قلنا
الأنفس البسيطة، فإنما نعني بها قوى النفس الكلية، المحرّكة المدبّرة لهذه
الأجسام، السارية فيها، و هذه القوى نسمّيها الملائكة الروحانيين في رسائلنا. و
إذا قلنا الأجسام المولّدة، فإنما نعني بها أنواع الحيوان و النبات و المعادن. و
إذا قلنا الأنفس الحيوانية و النباتية و المعدنية، فإنما نعني بها قوى النفس
البسيطة، المحرّكة المدبّرة لهذه الأجسام المولّدة، السارية فيها، المظهرة بها و
منها أفعالها. فإذا قلنا الأجسام الجزئية، فإنما نعني بها أشخاص الحيوانات و
النبات و المعادن و غيرها من المصنوعات على أيدي البشر و غيرهم من الحيوان. و إذا
قلنا الأنفس الجزئية المتحركة، فإنما نعني بها قوى النفوس الحيوانية و النباتية و
المعدنية، السارية في الأجسام الجزئية، المحرّكة المدبّرة لها، المظهرة بها و منها
أفعالها واحدا واحدا من الأشخاص الموجودة تحت فلك القمر. فقد بان بهذا أن مجرى حكم
العالم