الرسالة الثالثة من النفسانيات العقليات
في معنى قول الحكماء إن العالم إنسان كبير (و هي الرسالة الرابعة و الثلاثون من
رسائل إخوان الصفاء)
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون؟
فصل
اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أنّا قد
فرغنا من ذكر مراتب المبادي العقلية على رأي إخوان الصفاء، و بيّنّا فيها بكلام
مشبع أن الوجود متقدم على البقاء، و البقاء متقدم على التمام، و التّمام متقدم على
الكمال. و نريد الآن أن نذكر في هذه الرسالة معنى قول الحكماء إن العالم إنسان
كبير فنقول:
اعلم أن قول الحكماء إن العالم إنسان كبير، و قولهم إن الإنسان عالم
صغير، يجب أن نشرح معناه لتقف على حقيقته: معنى ذلك أن العالم له جسم و نفس، يعنون
به الفلك المحيط و ما يحوي من سائر الموجودات من الجواهر و الأعراض، و أن حكم جسمه
بجميع أجزائه البسيطة و المركبة و المولدة