بحسب طبيعة العدد كما سنبين طرفا منه في هذه
الرسالة. و هذا مذهب إخواننا أيّدهم اللّه، و بحسب رأيهم في وضع الأشياء مواضعها،
و ترتيبهم حقّ مراتبها على المجرى الطبيعي و النّظام الإلهي.
فصل في معنى قول الفيثاغوريين إن الموجودات بحسب طبيعة العدد
اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أن فيثاغورس كان رجلا
حكيما موحّدا من أهل حرّان. و كان شديد العناية بالنظر في علم العدد و كيفية
نشوئه، كثير البحث عنه و عن خواصّه و مراتبه و نظامه، و كان يقول: إن في معرفة
العدد، و كيفيّة نشوئه من الواحد الذي قبل الاثنين، معرفة وحدانيّة اللّه، عزّ و
جل؛ و في معرفة خواصّ الأعداد، و كيفيّة ترتيبها و نظامها، معرفة موجودات الباري
تعالى، و علم مخترعاته و كيفية نظامها و ترتيبها؛ و إن علم العدد مركوز في النفس
يحتاج إلى أدنى تأمّل و يسير من التذكار حتى يستبين و يعرف بلا دليل.
فصل
في مراتب الموجودات و نظام المخترعات و أنها مطابقة لمراتب الأعداد
المفردات المتتاليات عن الواحد، و أن الكل محتاج إلى الواحد. و على رأي الإخوان أن
الواحد و ما بعده محتاج إلى الغير، و هو العادّ.