responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 188

و لما ترتبت هذه الأكر بعضها في جوف بعض، كما أراد باريها، جل ثناؤه، و كما اقتضت حكمته من لطيف نظامها و حسن ترتيبها، و دارت الأفلاك بأبراجها و كواكبها على الأركان الأربعة، و تعاقب عليها الليل و النهار و الشتاء و الصيف و الحرّ و البرد، و اختلط بعضها ببعض، فامتزج اللطيف منها بالكثيف، و الثقيل بالخفيف، و الحارّ بالبارد، و الرطب باليابس، تركبت منها على طول الزمان أنواع التراكيب التي هي المعادن و النبات و الحيوان. فالمعدن هو كل ما انعقد في باطن الأرض و قعر البحار و جوف الجبال من البخارات المتحللة و الدخانات المتصاعدة، و الرطوبات المحتقنة في المغارات و الأهوية. و التّرابية عليها أغلب. و أما النبات فهو كلّ ما نجم على وجه الأرض من العشب و الكلإ و الحشائش و البقول و الزروع و الأشجار.

و المائية عليها أغلب. و أما الحيوان فهو كل جسم يتحرّك و يحس و ينتقل من مكان إلى مكان بجثته. و الهوائية عليه أغلب.

فالمعادن أشرف تركيبا من الأركان، و النبات أشرف تركيبا من المعادن، و الحيوان أشرف تركيبا من النبات، و الإنسان أشرف تركيبا من جميع الحيوان. و الناريّة عليه أغلب.

و قد اجتمع في تركيب الإنسان جميع معاني الموجودات من البسائط و المركّبات التي تقدم ذكرها، لأن الإنسان مركّب من جسد غليظ جسماني، و من نفس بسيطة روحانية. فمن أجل هذا سمت الحكماء الإنسان عالما صغيرا، و العالم إنسانا كبيرا. فالإنسان إذا ما هو عرف نفسه بالحقيقة من غرائب تركيب جسده، و لطيف بنية هيكله، و فنون تصاريف قوى النفس فيه، و إظهار أفعالها به و منه من الصنائع المحكمة و المهن المتقنة، تهيأ له أن يقيس عليها جميع معاني المحسوسات، و يستدلّ بها على جميع معاني المعقولات من العالمين جميعا.

فينبغي لنا أيها الأخ، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، إذا كنا عازمين على‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 188
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست