عدلك شاملا لهم. و الرابعة أن لا تجور
عليهم. و الخامسة أن لا تسوّي بين علمائهم و جهّالهم في العطية و المنزلة. و
السادسة أن تولّي عليهم من قبلك الأخيار و الأحرار، و إياك أن تولي عليهم العبيد و
السّوقة و أولاد الزّنى. ثم اعلم أن أعمال ولاتك إليك منسوبة، إن عدلوا قيل: عدل
السلطان؛ و إن جاروا قيل: جار السلطان. و السابعة أن لا تستعمل من أصحاب الرأي و
المشورة من هو مخالف لك في دينك، فإنه لا ينصحك، و إن نصحك في أول مرة، غشّك في
أخرى. و الثامنة أن يكون و زيرك أرفع أهل زمانك درجة في الدين و الدنيا جميعا، و
يكون من الأخيار، فقد قيل: إن من لا أصل له فلا فرع له، و من لا فرع له لا ثمرة
له، و كل شجرة لا ثمرة لها، فالنار أولى بها. و التاسعة إنصاف المظلوم من الظالم و
منع القوي من التعدي على الضعيف. و العاشرة ردّ الحق إلى أهله و الانتصار لهم.
فإذا كملت لك هذه الخصال الثلاثون، رجوت لك كمال الأمور في الدين و
الدنيا و الملك و السلطان، و استوجبت أن تكون ملكا عادلا، فتنال بذلك الحظوة من اللّه
تعالى و حسن العاقبة في المعاد و المنقلب إليه.
فتأمل، أيها الأخ، هذه الوصية، و تدبّرها و انظر شفقة هذا الملك
العادل على ولده كيف رضي له ما كان يرضى لنفسه، فهكذا يجب على الحكيم أن يوصي
تلامذته، و على النبي أن ينصح أمته و من يخلفه فيهم لمقامه و خلافته من بعده. و
كان مما أوصى هذا الملك رعيّته ما يأتي ذكره في هذا الفصل.