و إذا كانت أعمالها سيئة، و سيرتها جائرة، و آراؤها فاسدة، و أخلاقها
رديّة، و معارفها باطلة، أكسبتها هذه الخصال صورة قبيحة سمجة وحشة، و هي لا تحسّ
بها ما دامت مربوطة بالجسد، مشغولة بالمحسوسات، مستروحة إلى بهجة الطبيعة، و زينة
الهيولى. فإذا جاءت سكرة الموت و حسرة الفوت بالحق؛ التي لا بد لكل شخص من ذلك؛ و
لكل أجل مسمّى، و هي مفارقة النفس الجسد، فارقته على رغم منها جبرا و قهرا، و بطلت
آلات الحواسّ التي تنال بها اللذات الجسمانية، و بقيت فارغة، نظرت عند ذلك إلى
ذاتها، فرأت ما عملت من سوء محضرا، و تحيّرت، و هي صورة قبيحة سمجة وحشة، و اغتمّت
و حزنت و استوحشت «كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ» و ودت أن لو كان بينها و بينه أمد بعيد، و تبقى على تلك الحالة
متألمة معذبة في ذاتها، فذلك هو جزاؤها و أليم عذابها و جحيمها و عقابها، كما قال
النبي، صلى اللّه عليه و سلم: انما هي أعمالكم التي تردّ إليكم، و كما قال اللّه
تعالى: «وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وَ أَنَّ
سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى» «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ
لَفِي جَحِيمٍ» فأما أصحاب اليمين ففي سدر مخضود، و أما أصحاب الشمال ففي سموم و
حميم. وفقك اللّه و إيانا و جميع إخواننا للسّداد، و هداك و إيانا و جميع إخواننا
سبيل الرشاد، و صلى اللّه على النبي محمد و آله الأمجاد.
\*\*\*\*\*
تمت رسالة نشوء النفس و يتلوها رسالة طاقة
الإنسان في المعارف