responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 16

الحواس لها، بقيت تلك الرسوم مصوّرة في فكر النفس؛ فاذا تأملتها النفس و ميزتها بعقلها، فليست تجد شيئا سوى صورة تلك المحسوسات منتزعة إلى هيولاها، و مصوّرة في جوهر النفس، فيكون جوهر النفس لتلك الصورة فيها كالهيولى، و تلك الرسوم فيها كالصورة.

و هكذا أيضا حال الصور المعقولة في النفس، فإنها ليست شيئا سوى صور الأجناس و الأنواع انتزعتها النفس بقوّتها المفكرة، و صوّرتها في ذاتها، و حملتها كحمل الهواء صور المحسوسات. و ذلك أن الهواء يحمل الأصوات المختلفة، و يؤدّيها إلى المسامع، و يحمل الروائح و يؤديها إلى المشامّ بهيئتها لا يغير منها شيئا الا أن يعرض عارض لها، لأن الهواء جسم لطيف روحاني حافظ للصورة.

و هكذا الضياء يحمل الألوان و يؤديها إلى الأبصار بأصباغها، و لا يخلط بعضها ببعض. لأن جوهر النفس أشدّ روحانية من جوهر الهواء و الضياء جميعا.

ثم اعلم يا أخي أن النفوس الجزئيّة يفضل بعضها على بعض بإحدى هذه الخصال الأربع: إحداها معارفها التي استفادتها بكونها مع الجسد. و الثانية أخلاقها التي عددناها. و الثالثة آراؤها التي اعتقدتها. و الرابعة أعمالها التي اكتسبتها.

فإذا كانت النفس كثيرة المعارف في العلوم، و حسنة الأخلاق، صحيحة الآراء، صالحة الأعمال، صوّرتها هذه الخصال صورة حسنة، صحيحة بهيّة، بهجة روحانية. فإذا فارقت الجسد، و استقلّت بذاتها، و استغنت بجوهرها عن التعلق بالأجسام، و انجلت عنها أصداء الطبيعة، أبصرت و رأت عند ذلك ذاتها، و تراءت لها صورتها، فعاينت جمالها و رونقها، فرأت كلّ ما عملت من خير محضرا، و كلما لاحظت ذاتها ازدادت فرحا و سرورا و لذّة، و ذلك هو جزاؤها و نعيمها و جنتها، لا نقلة لها أبدا كما قال تعالى: «يَوْمَ تَجِدُ كُلُ‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست