responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 154

و بهذه الأسباب تفرّقت الأمّة و تحزبت و وقعت بينها العداوة و البغضاء أبدا، و صاروا إلى الفتن و الحروب، و استحل بعضهم دماء بعض. فإن اتّعظ بعض من يعرف الحق من العلماء، و خاطب رؤساءهم في ذلك، و خوّفهم و أرهبهم من عذابه، عدلوا إلى العوامّ، و قالوا لهم: هذا فلان! و يغرون به العوامّ، و ينسبون إليه من القول ما لم تأت به شريعة، و لا قاله عاقل.

و لا يتمكّن ذلك العالم أن يبيّن للعوامّ كيف جري الأمر في الشريعة، و ينبههم على فساد ما هم عليه، لما قد غلب عليهم من العصبيّة التي ألفوها و نشؤوا عليها، و أخذها خلف عن سلف.

و لما رأى رؤساؤهم ذلك، و أن العلماء قد اشمأزوا من العوامّ، جعلوا ذلك سوقا لهم عندهم، و أوهموهم أن ذلك انقطاع منهم عن الحجّة و القيام بإيرادها، و أن سكوتهم و تخفّيهم إنما هو لبطلان ما معهم، و أن الحقّ ما هو إلّا ما اجتمعنا عليه نحن الآن. فلا يزال ذلك دأبهم، و الرؤساء الجهّال فيهم يتزايدون في كل يوم، و اختلافهم يزيد، و احتجاجاتهم و مناظراتهم تكثر، و جدالهم ينتشر، حتى ينسخوا أحكام الشريعة، و يغيّروا كتاب اللّه بتفسيرهم له بخلاف ما هو به كما قال: «يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ.» و في أصل أمرهم قد حوّلوا الشريعة من حيث لا يشعرون، و أوّلوا أخبار النبي، 7، بتأويلات اخترعوها من تلقاء نفوسهم ما أنزل اللّه بها من سلطان، و قلبوا المعاني، و تكلموا بها على ما يريدون مما يقوّي رئاستهم، و يقبّح أهل العم عند العوامّ. و ذلك دأبهم يتوارثونه ابن عن أب، و خلف عن سلف، و كابر عن كابر، إلى أن يشاء اللّه إهلاكهم، و يقضي بانقراضهم و فنائهم. و لم يزل هؤلاء الذين هم رؤساء العوامّ أعداء للحق في كل بلد و قرية، فكم نبي قتلوه، و وصيّ جحدوه، و عالم شرّدوه. و هم بأفعالهم كانوا السبب في نسخ الشرائع و تجديدها في سالف الدهور، إلى أن يتمّ ما وعد اللّه تعالى بقوله: «إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَ ما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ» و «الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» «وَ لَقَدْ كَتَبْنا

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 3  صفحه : 154
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست