و هكذا تجد حكم الوافر و الكامل فإن كل واحد
منهما مركب من ستة مقاطع و هي هذه:
مفاعلتن
مفاعلتن
متفاعلن
متفاعلن
ست مرات. فنسبة سواكن نصف حروفه إلى متحركاته كنسبة حروفه كلها
السواكن إلى متحركاته كلها. و على هذا المثال يوجد كلّ بيت من الشعر، إذا سلم من
الزّحف، منصّفا كان أو مربّعا أو مسدّسا، و كذلك حكم الأزمان التي بينها. و قد
وضعت لها دوائر و علامات لتبيّن ذلك للناظرين فيها و المتأمّلين لها في كتب العروض،
فاستدلّ بهذه المقدمة على ما وصفته لك فنقول:
اعلم أن الوقوف على ما تضمنته هذه الصناعة الكلامية و الألفاظ
المنطقية يكون بها انتباه للنفوس الساهية و الأرواح اللاهية الغريقة في بحر
الهيولى و أسر الطبيعة و قيد الإلف و العادة. و من أمثال ذلك أيضا صناعة الكتابة
التي هي أشرف الصناعات و بها يفتخر الوزراء و أهل الأدب في مجالس الملوك و
الرؤساء، مع كثرة أنواعها و فنون فروعها، و ما اختلف فيه الأمم من اللغات، و أشكال
الكتابات و فنون التأليفات، مثل ما لأهل الهند، و هي الحروف التي أخرجت مع آدم،
7، من الجنة، و بها يعرف أسماء جميع الموجودات.
و أما كون عدد حروفها تسعة حسب ما بيّنّا و رسمنا قبل هذا، و ذلك
لمناسبة الأفلاك التسعة الحاوية لجميع الموجودات بأسرها، ثم تفرعت بعد ذلك، و اختص
بها أهل الهند دون سواهم من الأمم، لأن آدم، 7، كان هناك لما هبط من الجنة.
و السريانية لغة و لها حروف و كتابة و صناعة و نسبة تجتمع عليها
الحروف، و لها أسماء تختص بها موافقة للغتهم؛ و هكذا أيضا للرومية لغة و كتابة