هي المتولية لإدراكها و التصرّف فيها بإتيان
أخبارها إلى القوّة المتخيّلة، و نسبتها إلى النفس كنسبة أحد أصحاب الأخبار إلى
الملك مثل ما قلنا في أمر القوّة الباصرة و السامعة.
و أما القوّة الذائقة التي مجراها في اللسان، فإن النفس قد ولّتها
أمر الطعوم و الإدراك لها و التصرّف فيها و تمييز بعضها من بعض، و هي تنقسم تسعة
أنواع:
أولها الحلاوة الملائمة لطبع الإنسان. و الثانية المرارة المنافرة
لطبع الإنسان.
و منها وسائط، و هي الحموضة و الملوحة و الدّسومة و العفوصة و
الحرافة و القبوضة و العذوبة. و كل نوع من هذه تحته أنواع، و تحت كل نوع منها
أشخاص لا يعلم عددها إلّا اللّه الواحد القهار. و إن القوّة الذائقة التي في
اللسان هي متولية أمر هذه الطعوم بالإدراك لها و التصرف فيها، و تمييز بعضها عن
بعض، و إتيان أخبارها إلى القوّة المتخيّلة، و نسبتها إلى النفس كنسبة أصحاب
الأخبار إلى الملك، مثل أمر السامعة و الباصرة و الشّامّة.
و أما القوّة اللامسة التي مجراها باليدين، فإن النفس قد ولّتها أمر
الملموسات و هي عشرة أنواع: الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة و اللين و
الخشونة و الصلابة و الرخاوة و الثّقل و الخفة. و كل واحد من هذه تحته أنواع، و
تحت تلك الأنواع أشخاص لا يعلمها إلّا اللّه الملك الجبّار العزيز القهار. و إن
القوة اللامسة التي باليدين هي المتولية أمر الملموسات بالإدراك و التصرّف فيها و
تمييز بعضها عن بعض، و بإتيان أخبارها إلى القوّة المتخيّلة. و نسبتها إلى الشمس
كنسبة إحدى أخواتها التي تقدّم ذكرها.
و ما مثل النفس مع قواها هذه الخمس الحساسة، و اختلاف محسوساتها، و
ما تحت كل جنس منها من الأنواع و الأشخاص المختلفة الصور، المفنّنة الأشكال،
المتباينة الهيئات، إلّا كخمسة من الأنبياء أولي العزم من الرسل، مرسلهم واحد، و
شرائعهم مختلفة، و تحت كل شريعة مفروضات مفنّنة، و أحكام متباينة، و سنن متغايرة،
تحت أحكامها أمم كثيرة لا يحصي عددها