و اعلم يا أخي بأن لكل مولود من الحيوان أبوين في الفلك، كما أن له
والدين في الأرض، أحدهما دليل عمره يسمّى كدخداي أي رب البيت، و الآخر يسمى هيلاج
أي ربة البيت. فإن كانا مسعودين عند ولادته، عاش المولود بخير عمرا طويلا؛ و إن
كانا منحوسين فبالعكس من ذلك. و إن كان الكدخداي مسعودا و الهيلاج منحوسا، كان
المولود طويل العمر، فقيرا سيّئ الحال. و إن كان الهيلاج مسعودا و الكدخداي
منحوسا، كان المولود حسن الحال، غنيّا، قصير العمر.
فأما علة قصر العمر عن المقدار الطبيعي، فهو أن تكون عطيّة الكدخداي
يسيرة، فإذا فنيت و بلغت درجة المسير إلى مركز النحوس و ساعاتها، مات المولود فجأة
أو بأعلال و أمراض و أسباب شتى لا يعلم ذلك إلّا اللّه، عز و جل، الذي لا تخفى
عليه خافية في الأرض و لا في السماء.
فصل
ثم اعلم يا أخي بأنه متّفق بين أهل صناعة التنجيم في أحكام المواليد
أنه من يوم الولادة إلى تمام أربع سنين شمسيّة يكون الطفل في تدبير القمر صاحب
النموّ و الزيادة و النشوء، و تشاركه سائر الكواكب في التدبير، كلّ واحد سبع تلك
المدة التي تسمى سني التربية. فتتصرف الأحوال بالطفل من التربية و النموّ و
الزيادة و الصحة و السلامة و العز و الكرامة و الأعلال و الأمراض و البؤس و الهوان
و اللذة و الألم، بحسب ما توجب تلك المدبّرات في هذه السنين. مذكور شرح ذلك في كتب
تحاويل سني المواليد.
ثم يصير في تدبير عطارد ثلاث عشرة سنة، و هو صاحب النّطق و الحركة