قال: في قعر البحار حيث الأمواج المتلاطمة، و منشأ السحاب و الغيوم
المؤلّفة.
قال: من جنوده و أعوانه؟
قال: التماسيح و الدّلافين و السّرطانات و أصناف من الحيوانات
البحرية التي لا يحصي عددها إلّا اللّه الواحد القهّار.
قال: صف لنا صورة التنين و أخلاقه و سيرته.
قال: نعم أيها الملك، هو حيوان عظيم الخلقة، عجيب الصورة، طويل
القامة، عريض الجثة، هائل المنظر، مهول المخبر، تخافه و تهابه حيوانات البحر أجمع
لشدة قوته و عظم صولته. إذا تحرك، تحرك موج البحر من سرعة سباحته، كبير الرأس،
برّاق العينين، واسع الفم، كثير الأسنان، يبلع من حيوانات البحر عددا كثيرا لا
يحصى. و إذا امتلأ جوفه منها و اتّخم، تقوس و التوى، و اعتمد على رأسه و ذنبه، و
رفع وسطه خارجا من الماء، مرتفعا في الهواء، مثل قوس قزح يشرّق في عين الشمس، و
يستروح بحرّها، ليستمرئ ما في جوفه. و ربما عرض له، و هو على هذه الحالة، غشية.
و ينشأ سحابة من تحته ترفعه، فترمي به إلى البر فيموت، و تأكل من
جثته السباع أياما، و ترمي به إلى أمة يأجوج و مأجوج الساكنين من وراء السّدّ، و
هما أمتان صورتهما آدميّة، و نفوسهما سبعية، لا تعرفان التدبير و لا السياسة، و لا
البيع و لا الشّراء، و لا الحرفة و لا الحرث و لا الزرع بل الصيد من السباع و
الوحوش و السّمك، و النهب و الغارات بعضها على بعض، و يأكل بعضها بعضا.
و اعلم أيها الملك بأن كل حيوانات البحر تفزع من التّنّين و تهابه، و
هو لا