فهل لك يا أخي بأن تنظر لنفسك، و تسعى في صلاحها، و تطلب نجاتها، و
تفكّ أسرها، و تخلّصها من الغرق في بحر الهيولى و أسر الطبيعة و ظلمة الأجسام، و
تخفّف عنها أوزارها، و هي الأسباب المانعة لها عن الترقّي إلى ملكوت السماء، و
الدخول في زمر الملائكة، و السّيحان في فسحة عالم الأفلاك، و الارتفاع في درجات
الجنان، و التّشمّم من ذلك الرّوح و الرّيحان المذكور في القرآن، و أن ترغب في
صحبة أصدقاء لك نصحاء، و إخوان لك فضلاء، و ادّين لك كرماء، حريصين معاونين لك على
صلاحك و نجاتك مع أنفسهم، قد خلعوا أنفسهم من خدمة أبناء الدنيا، و جعلوا عنايتهم
و كدّهم في طلب نعيم الآخرة، بأن تسلك مسلكهم، و تقصد أقاويلهم، لتعرف اعتقادهم، و
تنظر في علومهم لتفهم أسرارهم و ما يخبرونك به من العلوم النفسية، و المعارف
الحقيقية، و المعقولات الروحانية، و المحسوسات النفسانية، إذا دخلت مدينتنا
الروحانية، و سرت بسيرتنا الملكية، و عملت بسنّتنا الزكية، و تفقّهت في شريعتنا
العقليّة، فلعلّك تؤيّد بروح الحياة، لتنظر إلى الملإ الأعلى، و تعيش عيش السعداء،
مخلّدا مسرورا أبدا، بنفسك الباقية الشريفة الشفّافة الفاضلة، لا بجسدك المظلم
الثقيل المتغيّر المستحيل الفاسد الفاني. وفّقك اللّه و إيانا و جميع إخواننا
للسداد، و هداك و إيانا و جميع إخواننا للرشاد، حيث كانوا في البلاد، إنه رءوف
رحيم بالعباد.
تمت رسالة الهيولى و الصورة و تتلوها رسالة السماء و العالم