الرسالة الثانية من الجسمانيات الطبيعيات
الموسومة بالسماء و العالم في إصلاح النفس و تهذيب الأخلاق (و هي الرسالة السادسة
عشرة من رسائل إخوان الصفاء)
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون؟
اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، أنه لما
فرغنا من ذكر الجسم المطلق، و ما يخصّه من الصّفات المقوّمة لذاته من الهيولى و
الصورة، و ما يتبعها من سائر الصفات اللازمة مثل الحركة و السكون و ما شاكلهما،
أردنا أن نذكر في هذه الرسالة الملقّبة بالسماء و العالم الأجسام الكلّيات
البسيطات التي هي الأفلاك و الكواكب و الأركان الأربعة التي هي النار و الهواء و
الماء و الأرض، إذ كان الجسم المطلق أول ما ينقسم إليها، ثم من بعدها الأجسام
الجزئيات الموّلدات التي هي الحيوان و المعادن و النبات.
فصل في بيان معرفة قول الحكماء إن العالم إنسان كبير
اعلم أيها الأخ أن معنى قول الحكماء: العالم، إنما يعنون به السماوات
السبع و الأرضين، و ما بينهما من الخلائق أجمعين، و سمّوه أيضا إنسانا