في أيدي الناس من خلقة الأصنام. و لا يمكن
لأحد أن يصوّر حيوانا من الماء، لأن الماء جسم سيّال لا تتماسك فيه الصورة، فتكون
هذه الحيوانات في الأرحام أو في البيض من ماء مهين أعجب في الخلقة و أعظم في
القدرة من كونها من الطين.
و أيضا إن أكثر الناس يتعجبون من خلقة الفيل أكثر من خلقة البقّة، و
هي أعجب خلقة و أظرف صورة، لأن الفيل، مع كبر جثّته، له أربع أرجل و خرطوم و نابان
خارجيان، و البقّة، مع صغر جثتها، لها ست أرجل و خرطوم و أربعة أجنحة و ذنب و فم و
حلقوم و جوف و مصارين و أمعاء و أعضاء أخرى لا يدركها البصر، و هي مع صعر جثتها
مسلّطة على الفيل بالأذية، و لا يقدر عليها و لا يمتنع بالتحرّز منها. و أيضا فإن
الصانع البشريّ يقدر على أن يصوّر فيلا من الخشب أو من الحديد أو من غيرها بكماله،
و لا يقدر أحد من الصنّاع أن يصوّر بقّة لا من الخشب و لا من الحديد بكمالها.
و أيضا فإن كون الإنسان من النطفة بديئا[1]،
ثم في الرّحم جنينا، ثم في المهد رضيعا، ثم في المكتب صبيّا، ثم في تصاريف أمور
الدنيا رجلا حكيما، أعجب أحوالا و أعظم اقتدارا من كونه يبعث من تراب قبره يوم
القيامة و خروج الناس كأنهم جراد منتشر.
و هكذا أيضا مشاهدة خروج عشرين فرخة من تحت حضن دجاجة واحدة، أو
ثلاثة درّاجات[2] من تحت
حضن درّاجة واحدة، ينفض عنها قشور بيضها في ساعة واحدة؛ و عدو كلّ واحدة في طلب
الحبّ، و فرارها و هربها من الطالب لها حتى ربما لا يقدر عليها، أعجب من خروج
الناس من قبورهم يوم القيامة، فما الذي منع المنكرين من الإقرار بذلك،