من جهة الكبر و الصّغر و السّعة و الضيق و
الثّخن و الرقّة و الشّفافة و الكمد و الازدواج و الانفراد، و غير ذلك مما يطول
شرحه. كلّ ذلك لعلل و أسباب و مآرب لا يعلم كنهها إلّا اللّه تعالى الذي خلقها و
أبدعها كما علمها. و لكن نذكر من ذلك طرفا و نخبر بعللها الهيولانية و أسبابها
الصّوريّة و أغراضها التمامية ليكون دليلا على الباقية، و تنبيها لنفوس الغافلين
عن التفكّر في غرائب مصنوعات الباري الحكيم، جلّ ثناؤه، و يكون عبرة لأولي الأبصار
الذين يتفكرون في خلق السماوات و الأرض و الآيات التي في الأنفس و الآفاق، و ليكون
أيضا إرشادا لقلوب المتحيّرين الذين يظنون أنها ليست بصنع صانع حكيم، و لا قصد
قاصد بل اتفاق، و ينسبونها إلى الطبيعة و لا يدرون ما الطبيعة، و إلى النجوم و
الأفلاك و لا يدرون كيف ذلك، و لم ذلك، و لما ذا وجد.
و اعلم يا أخي بأن من الثمار ما هو طويل الشّكل، مدحرج الخلقة، مختلف
الألوان، على نواته قشرة رقيقة حريرية ليّنة اللمس صلبة النسج، و على هذه النواة
شحمة ثخينة، عليها قشرة صلبة ملساء، و على ظهر النواة نقرة[1]،
و في الجانب المقابل خضرة مستطيلة، فيها حشو ليفيّ، و على رأس الثمرة من خارج قمعة[2] عليها شظيّات[3]
متفرقة، متشبّثة بالثمرة. و مادة هذه الثمرة من قبل النضج عفصة و بعد النضج حلوة
لزجة و هو التمر.
و من الثمار ما شكله مستدير، و خلقته كبيرة، عليه قشرة كثيفة ليفيّة
ثخينة مجوّفة من داخل، واسعة، فيها خزائن مقوّمة و فيها أدعاص[4]
مقسّمة، عليها حبوب مرصّعة، أشكالها مخروطة، في جوف تلك الحبوب نواة خزفيّة
[1] -النقرة: نكتة في ظهر النواة كأن ذلك الموضع نقر
منها.