بالقيام على حفظ الناموس الإلهي، و يسمونهم
الإخوان الفضلاء الكرام. و الرابعة هي المرتبة العليا التي يدعون إليها إخوانهم
كلهم في أي مرتبة كانوا، و تكون من الذين أتموا الخمسين، و أشبهوا الملائكة بقبول
التأييد و مشاهدة الحق عيانا، و الوقوف على أحوال الآخرة.
فمن النظر إلى هذه المراتب الأربع نرى بعد انظار الإخوان في بث
دعوتهم في مختلف الطبقات لتعميم آرائهم و عقائدهم؛ و اعتمدوا في المرتبة الأولى
على الشبان خصوصا لسلامة صدورهم و شدة اندفاعهم في تأييد ما تستمال إليه قلوبهم،
مع ما هم عليه من مزيّة الارتياض بالطاعة و قبول العلم و الإرشاد.
و نجدهم في رسائلهم يبعثون مندوبين من قبلهم إلى أشخاص من ذوي
الرئاسة و الجاه و المال، و يوصونهم أن يتلطفوا في دعوتهم و استمالتهم إلى مذهبهم
ليكونوا لهم سندا تشتدّ به قواهم، لما نالهم من الاضطهاد و سوء القالة، فاستتروا
تقية من السلطان و رجال الدين لئلا يتعرضوا لأخطار تؤذيهم و لا تجديهم فتيلا،
فإنهم و إن كانوا من أهل الدعوات الباطنية، و لهم قرابة بالقرامطة أو الإسماعيلية،
لقد خالفوهم في عقيدة الخروج على أولي الأمر، و الاستنصار بالفتك و الترويع و
الاستيلاء على البلدان لبلوغ غاياتهم. و أحمدوا الإخلاد إلى السكينة، و انتظار
الوقت الملائم للثورة و العصيان. و تداعوا إلى العمل الصالح في تثقيف العقول و
النفوس بمذهب بجمع الفلسفة و الدين موفقا بينهما في طريق المحبة و صفاء الأخوّة
فيزول ما علق بالشريعة من الجهالات و الضلالات، و يحصل الكمال للإنسان.
عصرهم؛ مذهبهم
و كان عصرهم، بحالتيه السياسية و الفكرية، يساعدهم على بث آرائهم في
المجتمع الإسلامي، فإن ضعف الدولة العباسية شجع العلويين على طلب الاستقلال و
موالاة الثورات و الفتن، فظهر دعاتهم في المغرب و العراق، و استولوا على النواحي
القاصية، و أسسوا لهم ممالك فيها، فكان منهم الأدارسة