و الأخرى برهانية، و هذه مظنونة و هذه
مستيقنة، و هذه روحانية و هذه جسمانية، و هذه دهرية و هذه زمانية.» و من كلام أحمد
زكي باشا في مقدمته قوله:
«و قد ساعدتني المقادير، أثناء البحث الطويل و المراجعة المتوالية،
فرأيت صاحب «كشف الظنون» يقول إن لأبي الحسن العوفي (و هو من أصحاب إخوان الصفاء)
رسالة في «أقسام الموجودات و تفسيرها» قال: و هي لطيفة ذكرها الشهرزوري في تاريخ
الحكماء.» فهذا جلّ ما انتهى إلينا من أخبار هؤلاء الإخوان و أحوالهم، مع ما حام
عليهم من الشبهات، فقد نسبوهم إلى القرامطة و هم الإسماعيليون أصلا، و ذكروا أن
سنان بن سليمان الملقب برشيد الدين من عظماء الإسماعيلية و رؤسائها، كان يكبّ على
مطالعة رسائل إخوان الصفاء. و زعم ابن تيمية في فتواه عن طائفة النصيريّة أن
الإخوان من أئمتهم. و يقول المستشرق دي بور: «إن آراء إخوان الصفاء ظهرت في جملتها
من جديد عند فرق كثيرة في العالم الإسلامي:
كالباطنية و الإسماعيلية و الحشاشين و الدروز، و قد أفلحت الحكمة
اليونانية في أن تستوطن الشرق و ذلك عن طريق إخوان الصفاء.»[1]
مراتب الإخوان
و تتألف جماعة الإخوان من أربع مراتب أولاها مرتبة ذوي الصنائع، و
تكون من الشبان الذين أتموا الخامسة عشرة، لما هم عليه من صفاء جوهر النفس، و جودة
القبول و سرعة التصور، و يسمونهم الإخوان الأبرار و الرحماء.
و الثانية مرتبة الرؤساء ذوي السياسات، و تكون من الذين أتموا
الثلاثين، و عرفوا بالحكمة و العقل، و يسمونهم الإخوان الأخيار و الفضلاء. و
الثالثة مرتبة الملوك ذوي السلطان، و تكون من الذين أتموا الأربعين، و عرفوا
[1] -دي بور: تاريخ الفلسفة في الإسلام ص 113. الترجمة
العربية: محمد عبد الهادي أبو ريدة.