فأقول: ان ضرب الاثني عشر في نفسه، و
الاثنين في نفسه مجموعا، مثلا ما يكون من ضرب سبعة في نفسها، و خمسة في نفسها
مجموعا.
فصل علم العدد و النفس
و اعلم أيها الأخ البارّ الرحيم، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، انه
إنما قدّم الحكماء النظر في علم العدد قبل النظر في سائر العلوم الرياضيّة، لأن
هذا العلم مركوز في كل نفس بالقوة، و انما يحتاج الانسان إلى التأمّل بالقوّة
الفكرية حسب، من غير أن يأخذ لها مثالا من علم آخر، بل منه يؤخذ المثال على كل
معلوم. و أما ما أشرنا اليه من المثالات التي بالخطوط في هذه الرسالة فانما تلك
للمتعلمين المبتدئين الذين قوّة أفكارهم ضعيفة، فأما من كان منهم فهيما ذكيّا فغير
محتاج اليها.
و اعلم أيها الأخ البارّ الرحيم، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، ان
أحد أغراضنا من هذه الرسالة ما قد بيّنّا في أوّلها، و أما الغرض الآخر فهو
التنبيه على «علم النفس» و الحثّ على معرفة جوهرها، و ذلك أن العاقل الذّهين إذا
نظر في علم العدد و تفكّر في كمّية أجناسه و تقاسيم أنواعه و خواصّ تلك الأنواع،
علم أنها كلّها أعراض، وجودها و قوامها بالنفس؛ فالنّفس إذا جوهر، لأن العرض لا
يكون له قوام إلّا بالجوهر و لا يوجد إلّا فيه.
الغرض من العلوم
و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن غرض الفلاسفة
الحكماء من النّظر في العلوم الرياضيّة، و تخريجهم تلامذتهم بها، إنما هو السّلوك