و الجنوب و الشّمال؛ و الأوتاد الأربع[1] الطالع و الغارب و وتد السماء و وتد
الارض؛ و المكوّنات الأربع التي هي المعادن و النبات و الحيوان و الإنس.
و على هذا المثال وجد أكثر الامور الطبيعيّة مربّعات.
و اعلم بأن هذه الامور الطبيعيّة إنما صارت أكثرها مربّعات بعناية
الباري، جل ثناؤه، و اقتضاء حكمته، لتكون مراتب الامور الطبيعيّة مطابقة للأمور
الروحانية التي هي فوق الأمور الطبيعيّة، و هي التي ليست بأجسام، و ذلك أن الأشياء
التي فوق الطبيعيّة على أربع مراتب، أوّلها الباري جلّ جلاله، ثم دونه العقل
الكلّي الفعّال، ثم دونه النفس الكليّة، ثم دونه الهيولى الأولى، و كلّ هذه ليست
بأجسام.
و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن نسبة الباري، جلّ
ثناؤه، من الموجودات، كنسبة الواحد من العدد، و نسبة العقل منها، كنسبة الاثنين من
العدد، و نسبة النفس من الموجودات، كنسبة الثلاثة من العدد، و نسبة الهيولى الأولى
كنسبة الأربعة.
و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيّانا بروح منه، بأن العدد كلّه آحاده
و عشراته و مئاته و ألوفه، أو ما زاد بالغا ما بلغ، فأصلها كلّها من الواحد إلى
الأربعة، و هي هذه (1 2 3 4). و ذلك أن سائر الأعداد كلّها من هذه يتركّب، و منها
ينشأ، و هي أصل فيها كلّها: بيان ذلك أنه إذا أضيف واحد إلى أربعة، كانت خمسة، و
ان أضيف اثنان إلى أربعة، كانت ستة؛ و إن أضيف ثلاثة إلى أربعة، كانت سبعة؛ و ان
أضيف واحد و ثلاثة إلى أربعة، كانت ثمانية؛ و إن أضيف اثنان و ثلاثة إلى أربعة،
كانت تسعة، و إن أضيف واحد و اثنان و ثلاثة إلى أربعة، كانت عشرة. و على هذا
المثال حكم
[1] -الأوتاد الأربعة: هي المنازل الأربع الرئيسة، بين
الاثنتي عشرة منزلة من منطقة البروج، سميت أوتادا لأنها أقوى منازل منطقة البروج،
و هي التي تقرر المصير في التنجيم، و لهذا سمي كل منها برج السعادة و أصل الكائن،
و قولهم هنا الأوتاد الأربع لأنها بمعنى المنازل.