أربعة أنواع: أولها الرياضيّات، و الثاني
المنطقيّات، و الثالث العلوم الطبيعيّات، و الرابع العلوم الإلهيات. فالرياضيات
أربعة أنواع: أولها الأرثماطيقي، و الثاني الجومطريا، و الثالث الأسطر نوميا، و
الرابع الموسيقى. فالموسيقى هو معرفة تأليف الأصوات و به استخراج أصول الألحان. و
الأسطرنوميا هو علم النجوم بالبراهين التي ذكرت في كتاب المجسطي[1].
و الجومطريا هو علم الهندسية بالبراهين التي ذكرت في كتاب أقليدس. و الأرثماطيقي
هو معرفة خواص العدد و ما يطابقها من معاني الموجودات التي ذكرها فيثاغورس و
نيقوماخس. فأول ما يبتدأ بالنظر به في هذه العلوم الفلسفية الرياضيّات، و أول
الرياضيّات معرفة خواص العدد لأنه أقرب العلوم تناولا، ثم الهندسة، ثم التأليف، ثم
التنجيم، ثم المنطقيّات، ثم الطبيعيّات، ثم الإلهيّات. و هذا أول ما نقول في علم
العدد شبه المدخل و المقدّمات:
الألفاظ تدل على المعاني، و المعاني هي المسمّيات، و الألفاظ هي
الأسماء، و أعمّ الألفاظ و الأسماء قولنا «الشيء» و الشيء إمّا أن يكون واحدا أو
أكثر من واحد. فالواحد يقال على الوجهين، إمّا بالحقيقة و إمّا بالمجاز. فالواحد
بالحقيقة هو الشيء الذي لا جزء له البتة و لا ينقسم، و كلّ ما لا ينقسم فهو واحد
من تلك الجهة التي بها لا ينقسم، و إن شئت قلت: الواحد ما ليس فيه غيره، بما هو
واحد. و أما الواحد بالمجاز فهو كل جملة يقال لها واحد كما يقال عشرة واحدة، و
مائة واحدة، و ألف واحد. و الواحد واحد بالوحدة كما أن الأسود أسود بالسواد، و
الوحدة صفة للواحد، كما أن السواد صفة للأسود.
و أما الكثرة فهي جملة لآحاد؛ و أول الكثرة الاثنان، ثم الثلاثة، ثم
الأربعة، ثم الخمسة، و ما زاد على ذلك بالغا ما بلغ. و الكثرة نوعان إمّا عدد و
إمّا معدود، و الفرق بينهما أن العدد إنما هو كمّية صور الأشياء في نفس العادّ،
[1] -المجسطي: كتاب في علم الفلك لبطلميوس العالم
اليوناني، نقله الحجاج بن مطر في العصر العباسي الأول.