كالاسماء بالأفعال، و الأفعال بالأسماء،
يسمّيها النحويون الحروف، و يسميها المنطقيون الرّباطات.
فالأسماء هي كلّ لفظة دالّة على معنى بلا زمان، كقولك: زيد و عمرو و
حجر و خشب و ما شاكلها من الألفاظ، و الفعل مثل ضرب يضرب و عقل يعقل، و هو كل لفظة
دالّة على معنى في زمان. و الحروف مثل قولك:
من و في و على و ما شاكلها من ألفاظ مذكور شرحها في كتب النحو.
و بالجملة ينبغي لمن يريد أن ينظر في المنطق الفلسفي أن يكون قد
ارتاض أولا في علم النحو قبل ذلك.
و اعلم يا أخي أن الكلمات و الأسماء إذا اتّسقت صارت أقاويل، و
الأقاويل نوعان، فمنها ما يقع فيه الصّدق و الكذب، و منها ما لا يقع فيه لا الصدق
و لا الكذب، و هذه أربعة أنواع: الأمر و السؤال و النداء و التمني. و الذي يقع
الصدق و الكذب فيه يسمّى الأخبار، و الأخبار نوعان، إما إيجاب صفة لموصوف، و إما
سلبها عنه كقولك: النار حارّة و ليست بحارّة، فقولك: ليست بحارّة سلب. فالإيجاب
إما أن يكون صدقا، و إما أن يكون كذبا، و كذلك السّلب مثل قولك إذا قلت:
النار حارّة فصدق، و إذا قلت: باردة فكذب؛ و إذا قلت: النار ليست
بباردة فصدق، و إذا قلت: ليست بحارّة فكذب. فقد تبين لك كيف يكون السّلب و الإيجاب
تارة صدقا و تارة كذبا.
و اعلم بأن الإيجاب و السلب تارة يكون حكما حتما، و تارة شرطا و
استثناء، فالإيجاب الحتم مثل قولك: الشمس فوق الأرض و هو نهار، و الشرط مثل قولك:
إن كانت الشمس فوق الأرض فهو نهار. و كذلك حكم السلب مثله، مثال ذلك: ليست الشمس
فوق الأرض و لا هو نهار، و الشرط و الاستثناء مثل قولك: إن كانت الشمس ليست فوق
الأرض فليس هو نهارا.