الرسالة الحادية عشرة من القسم الرياضي في
المقولات العشر التي هي قاطيغورياس
بسم اللّه الرحمن الرحيم و إذ قد فرغنا من ذكر الستة الألفاظ التي في
إيساغوجي، و بيّنّا ماهيّة المعاني التي تدلّ عليها واحدا واحدا، فنريد أن نذكر
العشرة الألفاظ التي في قاطيغورياس، و نبيّن معانيها، و نصف كيف هي، و أن كل لفظة
منها اسم لجنس من الأجناس الموجودة، و أن المعاني كلّها كيف هي داخلة تحت هذه
العشرة الألفاظ.
اعلم أيها الأخ البارّ الرحيم، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن
الحكماء الأولين لما نظروا إلى الأشياء الظاهرة بأبصار عيونهم، و شاهدوا الأمور
الجليلة بحواسّهم، تفكروا عند ذلك في معاني بواطنها بعقولهم، و بحثوا عن خفيّات
الأمور برويّتهم، و أدركوا حقائق الموجودات بتمييزهم، و بان لهم ان الأشياء كلّها
أعيان غيريات، مرتّبة في الوجود كترتيب العدد، و متعلقة مرتبطة بعضها ببعض في
البقاء و الدوام عن العلة الأولى الذي هو الباري، سبحانه، كتعلّق الأعداد، و رباط
بعضها ببعض من الواحد الذي قبل الاثنين كما بيّنا في رسالة العدد.