الترغيب و لا الترهيب، و لا الزجر و لا
التهديد، بل تراهم في غيّهم يتردّدون، و في طغيانهم يعمهون، مولّون مدبرون، عن
الآخرة معرضون، على الدنيا يتكالبون تكالب الكلاب على الجيفة، منهمكين في الشهوات،
تاركين للصلوات، لا يسمعون الموعظة، و لا تنفعهم التذكرة، فلا جرم أنهم يمهلون
قليلا، و يمتّعون يسيرا، ثم تجيئهم سكرة الموت بالحق، إن شاؤوا أو أبوا، فيفارقون
محبوباتهم على رغم منهم، و يتركون ما جمعوا لغيرهم، يتمتع بمال أحدهم حليل زوجه، و
امرأة ابنه، و بعل ابنته، و صاحب ميراثه، لهم المهنأة، و عليه الوبال، ثقيل ظهره
بأوزاره، معذّب النفس بما كسبت يداه، يا حسرة عليهم قامت القيامة على أهلها! وفّقك
اللّه، أيها الأخ، للسّداد. و هداك للرّشاد و جميع إخواننا حيث كانوا في البلاد،
إنه رءوف بالعباد.
\*\*\*\*\*
تمّت رسالة الأخلاق، و الحمد للّه، و الصلاة
على رسوله مستنبط ينابيع الحكمة بصفاء جوهره، و المقارع به أنوف الجاحدين لأوّله و
مصدره، و المفصح عن غرائبه، و على آله، و سلم، حسبنا اللّه و نعم الوكيل، نعم
المولى، و نعم النصير، و لا حول و لا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.