ذكر اللّه، فإنك بذلك تغلب الشيطان. قلت:
زدني. قال: أحبّ المساكين و جالسهم. قلت: زدني. قال: كن في الدنيا كأنك غريب و عدّ
نفسك في الموتى. قلت: زدني. قال: قل الحقّ و لو كان مرّا. قلت:
زدني. قال: لا يأخذك في اللّه لومة لاثم. قلت: زدني. قال: ارض من
الدنيا بكسرة تقيم بها جسدك، و خرقة تواري بها عورتك، و ظلّ تسكن فيه. قلت: زدني.
قال: اكظم الغيظ و أحسن إلى من أساء إليك. قلت:
زدني. قال: إياك و حبّ الدنيا، فإنه رأس الخطايا، إن الدنيا تهلك
صاحبها، و صاحب الدنيا لا يهلكها. قلت: زدني. قال: انصح للناس كما تنصح لنفسك، و
لا تعب عليهم بما فيك مثله، يا أبا ذر، إنه لا عقل كالتدبير، و لا ورع كالكفّ، و
لا حسب كحسن الخلق.
و قال رسول اللّه: من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات، و من أشفق
من النار سلا عن الشهوات، و من زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات.
و يقال إن الزّهد في الدنيا مفتاح كل خير، و الرّغبة فيها مفتاح كل
شر و خطيئة. و قيل في الحكمة: الدنيا قنطرة فاعبروها إلى الآخرة، و لا تعمروها،
إنكم خلقتم للآخرة لا للدنيا، و إنما الدنيا دار العمل، و الآخرة دار الجزاء، و هي
دار القرار و دار المقام و دار النعيم و دار الخلود.
فصل في حسن التكليف
و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن اللّه تعالى كلّم
موسى ابن عمران، و ناجاه باثني عشر ألف كلمة، يقول له في عقب كل كلمة: يا موسى، ادن
مني، و اعرف قدري، فأنا اللّه. يا موسى، أ تدري لم كلّمتك من بين خلقي، و اصطفيتك
لرسالتي من بين بني إسرائيل؟ قال موسى: فمنّ علي يا ربّ. قال: لأني اطّلعت على
أسرار عبادي، فلم أر قلبا أصفى