و اليوم الثقيل أمامي، أم كيف لا يطول حزني،
و لا أدري ما يكون من ذنبي، أم كيف أؤخر عملي، و لا أدري متى يأتي أجلي، أم كيف
أسكن إلى الدنيا، و ليست بداري، أم كيف أجمعها، و في غيرها مقامي و مأواي، أم كيف
تعظم رغبتي فيها، و القليل منها يكفيني، أم كيف آمن فيها، و أنا لا يدوم فيها
حالي، أم كيف يشتد حرصي عليها، و لا ينفعني منها ما أخلّفه لغيري، أم كيف أؤثرها،
و قد طردت من آثرها قبلي، أم كيف لا أبادر بعملي من قبل أن يتصرّم منها مدتي، أم
كيف لا أعمل في فكاك نفسي، قبل أن يغلق ذهني[1]،
أم كيف يشتد عجبي بها، و هي مفارقة لي و منقطعة عني؟
و سئل رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم، عن قوله تعالى: «إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ
مُوسى.» قال: كان فيها مكتوبا:
عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، و عجبت لمن أيقن بالحساب كيف يعمل
السّيئات، و عجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب[2]
بدنه، و عجبت لمن يرى الدنيا و تقلّبها بأهلها كيف يطمئن إليها، و عجبت لمن أيقن
بالجنة كيف لا يعمل الحسنات، لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه.
و يروى عن أبي ذرّ، رحمة اللّه عليه، أنه قال: قلت لرسول اللّه:
أوصني. قال: عليك بتقوى اللّه، فإنه رأس أمرك. فقلت: زدني يا رسول
اللّه. قال: عليك بذكر اللّه، فإنه رأس كل خير، و قراءة القرآن، فإنه نور لك في
السماء و ذكر لك في الأرض. قلت: زدني. قال: عليك بالجهاد، فإنه رهبانيّة هذه
الأمة. قلت: زدني. قال: انظر إلى من دونك، و لا تنظر إلى من هو فوقك. قلت: زدني.
قال: أقلّ الكلام إلّا من
[1] -يغلق ذهني: من قولهم: غلق الرهن، اذا استحقه
المرتهن، و ذلك اذا لم يفكّ في الوقت المشروط.