وَ لا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما
حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا»[1] إلى
آخر السورة.
و إذا خفت من عواقب الأمور و لا تدري بما ذا يختم لك، فقل كما قال
أصفيائي: «رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا، وَ هَبْ
لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ».
فصل في فضل التوبة و الاستغفار و الدعاء
و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن اللّه، عزّ و جلّ،
لم يذكر ذنوب أنبيائه و خطاياهم في القرآن، شنعة عليهم، و لا تقبيحا لآثارهم، و لا
لسوء الثناء عليهم، و لكن ليكون للباقين قدوة بهم في التوبة و الندامة، و الرجوع
عن الذنوب، و الاستغفار للّه، عزّ و جل، و الإنابة إليه، كما أمر اللّه بقوله: «تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ» و قال اللّه تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»
يعني الذين لم يذنبوا، و قال لنبيه محمد، صلى اللّه عليه و سلم: «قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا»
الآية، و آيات كثيرة في القرآن في هذا المعنى.
و يروى عن رسول اللّه، صلى اللّه عليه و سلم، أنه قال: لو لا أن بني
آدم إذا أذنبوا تابوا و استغفروا، فيغفر اللّه لهم، لخلق اللّه خلقا يذنبون
فيتوبون و يستغفرون، فيغفر لهم. و انما ذكرنا هذه الحكايات لكيما تتفكّر فيها و
تعتبر، و ما ذكر اللّه من أخبار رسوله و قصص أوليائه، فلا تيأس من روح اللّه و لا
تقنط من رحمته، إذا سمعت قول الذين لا يعلمون، و ذلك أن قوما من أهل الحشويّة[2] و الجدل يتعصبون في الورع من غير
حقيقة، و لا معرفة بأحكام الدين، فيكفّرون المؤمنين بالذنوب، و يفسّقونهم