بحسب الامهات و الموالد، و رتبها و نظمها
كمراتب الأعداد من الواحد الذي قبل الاثنين، و الاثنين قبل الثلاثة، و كذلك ما
بعده؛ و جعل لكل جنس منها حدّا مخصوصا، و نهاية معلومة، مطابقة بعضها لبعض، فاعلة
و منفعلة، هيولى و صورة، نوعا و جنسا، إذ رأى ذلك أحكم و أتقن و أكمل و أهدى إليه
و أبين.
الرسالة الثانية منها في «المبادي العقلية» على رأي إخوان الصفا و
خلّان الوفاء، و الغرض منها هو البحث عن علة الأشياء و الأخبار و أسباب الكائنات
الكليات و الجزئيات عن الباري، جل و عز، كتركيب العدد الصحيح عن الواحد قبل
الاثنين.
الرسالة الثالثة منها في معنى قول الحكماء «إن العالم إنسان كبير» ذو
نفس و روح حي عالم طائع لباريه، خلقه ربه، جل ثناؤه، يوم خلقه، تامّا كاملا، و ان
كل الخلائق داخلون فيه و هو جملتهم، و ليس خارج العالم شيء آخر لا خلاء[1] و لا ملاء[2]؛
و ليس العالم في مكان و كلّ ما فيه في مكان موكّل كلّ واحد من أهل العالم بما
يتأتى منه، و يقدّر عليه، يفعلون ما يؤمرون، و كلّ في فلك يسبحون، يسبّحون الليل و
النهار لا يفترون، كما قال تعالى «و ما منّا إلا له مقام معلوم، و إنّا لنحن
الصافون، و إنّا لنحن المسبحون».
الرسالة الرابعة منها في «العقل و المعقول» و ما العقل الهيولاني، و
ما العقل بالقوة، و ما العقل بالفعل، و ما العقل المستفاد، و ما العقل الفعّال. و
الغرض منها هو تعريف ذات الإنسان، و صورة الصور، و ما جوهر النفس بحقيقتها، و الإشارة
إلى الباقي فيها، و كيف اجتماع صور المعلومات فيها على تباينها و تغايرها، و كيف
تصوّرها الموجودات المنتزعة من المواد، و كيف تصير أحد موجودات العالم، بعد أن لم
يكن شيء من الموجودات إلا بالقوة، و كيف
[1] -الخلاء: امتداد موهوم صالح لأن يشغله الجسم و يسمى
أيضا الفراغ الموهوم، أو هو البعد المجرد الموجود في الخارج القائم بنفسه.
[2] -الملاء: الجسم في اصطلاح الحكماء، لأنه يملأ
المكان، و مدّ هنا كالخلاء للازدواج.