يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ
صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ» و قال:
«وَ حَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً، وَ عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ
صَفًّا».
و اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، بأنك إذا أنعمت النظر
في الأمور المعقولة، و جوّدت التأمّل لأحكام النّاموس و حدوده، و اعتبرت أحوال
صاحب الناموس و نفاذ أمره و نهيه في نفوس أتباعه و أنصاره، و امتثالهم أمره و
نهيه، و طاعتهم له، تبيّنت و عرفت بأن الناموس مملكة روحانيّة، و ان وجوده و قوامه
في حفظ أركانه الثمانية، و تبيّنت بأن أركانه الذين هم أتباع صاحب الناموس و
انصاره، و هم ثمانية أصناف، كلّ صنف منهم كأنهم صفّ قيام، حاملون ركنا من أركان
الناموس.
فأول الأصناف هم قرّاء تنزيله و كتبه، و حفّاظ ألفاظه على رسومها، و
معلّموها لمن بعدهم من ذراريهم، ليؤدّوا إلى من بعدهم من أتباعهم ما أخذوا عمن
قبلهم؛ كلّ ذلك لكيلا يجهلها من يجيء من بعدهم و تنسى فتندرس معالم الدين، و
تضمحلّ و تبطل أحكام الناموس.
و الصنف الثاني هم رواة أخباره، و ناقلو أحاديثه، و حافظو سيره، و
مؤدّوها إلى من بعدهم، ليبلّغوها إلى آخرهم كيلا يجهل و ينسى فتندرس آثاره، و يموت
أخباره فلا تعرف.
و الصنف الثالث هم فقهاء أحكام الناموس، و علماء سننه، و حفّاظ
حدوده، كيلا تجهل فلا تستعمل، أو تنسى فتندرس معالم الدين، و تضمحلّ و يبطل
الناموس.
و الصنف الرابع هم المفسّرون الفاظ تنزيله الظاهرة، و أقاويله
المروية، و المعبّرون عن وجوه معانيه المختلفة، لمن قصّر فهمه عنها، و قلّت معرفته
بها: كلّ ذلك كيلا يجهلها من يجيء من بعدهم من ذراريهم و اتباعهم في أحكام
الناموس، أو تنسى فتندرس معالم الدين، و تضمحلّ و تبطل أحكام الناموس.