و كلّ طائفة من هذه السبعة تنقسم إلى أصناف
كثيرة، و لكلّ صنف منها أخلاق و طباع و سجايا و مآرب أكسبتهم إيّاها أعمالهم، و
أوجبتها لهم متصرّفاتهم، لا يشبه بعضها بعضا، و لا يحصي عددها إلّا اللّه عزّ و
جلّ.
و لكن نريد أن نذكر منها ما يحتاج إليه، من الأخلاق و السجايا و
الخصال و الأعمال و الآداب و العلوم، أهل الدين المتمسكون بأحكام الناموس الحافظون
أركانه الذين يرجى لهم النجاة بها و الفوز باستعمالها، كما ذكر اللّه، جلّ ثناؤه: «قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ
أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي» و قوله: «يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ» و قال تعالى: «وَ مَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ
مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى» إلى آخر الآية، و
آيات كثيرة من القرآن في مثل هذه المعاني.
فصل في مراتب الناس في الأخلاق حسب الأعمال
اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن الناس إذا اعتبرت
أحوالهم و تبيّنت أمورهم وجدتهم كلّهم كالآلات و الأدوات لواضعي النواميس الالهية
في تأسيسهم بنيانها، و تتميمهم أحكامها، و تكميلهم شرائطها، و حفظهم أركانها؛ ثم
تجدهم خدما و خولا للملوك الذين هم خلفاء الأنبياء من بعدهم في حفظها و حراستها
على نظامها و ترتيبها، كما رتّبها واضعو النواميس و أمروا بمراعاتها، و هم في ذلك
أصناف و طبقات و مراتب مرتّبات كترتيب الأعداد المفردات، و ذلك ان واضع الناموس في
مبدئه كالواحد في العدد، و أصحابه و أنصاره الذين اتّبعوه كالآحاد، و من تبعهم على
مناهجهم كالعشرات، و من جاء من بعدهم كالمئات، و من بعدهم كالألوف، و من جاء من
بعدهم كعشرات الألوف و مئات الألوف بالغا ما بلغ، إلى يوم القيامة، ثم يصيرون بذلك
كلهم جملة واحدة، كما ذكر اللّه، جلّ ثناؤه، بقوله و أشار إلى هذا المعنى: «يَوْمَ