responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 1  صفحه : 319

و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن الطبيعة هي خادمة للنفس و مقدّمة لها، و أن النفس خادمة للعقل و مقدّمة له، و أن العقل خادم للناموس و مقدّمة له، و ذلك أن الطبيعة إذا أصّلت خلقا و ركّزته في الجبلة، جاءت النفس بالاختيار فأظهرته و بيّنته، ثم جاء العقل بالفكر و الرويّة فتمّمه و كمّله، ثم جاء الناموس بالأمر و النهي فسوّاه و قوّمه و عدّله، و ذلك أنه متى ظهرت من الطبيعة هذه الشهوات المركوزة في الجبلة، و كانت على ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، من أجل ما ينبغي، سمّيت خيرا؛ و متى كانت بخلافه سمّيت شرّا؛ و متى فعل ذلك باختياره و إرادته، على ما ينبغي، بمقدار ما ينبغي، من أجل ما ينبغي، كان صاحبه محمودا؛ و متى كان بخلافه كان مذموما؛ و متى كان اختياره و إرادته بفكر و رويّة، على ما وصفنا، كان صاحبه حكيما فيلسوفا فاضلا؛ و متى كان بخلافه سمّي سفيها جاهلا رذلا؛ و متى كان فعله و إرادته و اختياره و فكره و رويّته مأمورا بها و منهيّا عنها، و فعل ما ينبغي كما ينبغي، على ما ينبغي، كان صاحبه مثابا بها و مجازى عليها؛ و متى كان بخلاف ما ذكرناه كان مأخوذا بها و معاقبا عليها. فقد تبيّن بما ذكرنا أن الشهوات المركوزة في الجبلة، و الأخلاق المنتشئة منها، و الأفعال التابعة لها، و جميع المتصرّفات من أجلها، هي لأن تبقى النفوس على أفضل حالاتها، و يبلغ كلّ نوع منها إلى أقصى مدى غاياتها.

و اعلم يا أخي، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، بأن الباري، جلّ ثناؤه، لما رتّب النفوس مراتبها كمراتب الأعداد المفردات، على ما اقتضت حكمته، جعل أوّلها متّصلا بآخرها، و آخرها متّصلا بأوّلها، بوسائطها المرتّبة بينهما، لترتقي بها ما دونها إلى المرتبة التي فوقها، ليبلغها إلى مدى غاياتها، و تمام نهاياتها، و ذلك أنه رتّب النفوس النباتية تحت الحيوانية و جعلها خادمة لها، و رتّب الحيوانيّة تحت الناطقة الإنسانية و جعلها خادمة لها، و رتّب‌

نام کتاب : رسائل اخوان الصفاء و خلان الوفاء نویسنده : اخوان صفا (مجموعة من المؤلفين)    جلد : 1  صفحه : 319
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست