الرسالة الثامنة من القسم الرياضي في
الصنائع العملية و الغرض منها
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون؟
و إذ قد فرغنا من ذكر الجواهر الجسمانيّة، و وصفنا هيولاتها و صورها
و تركيبها، و ما يعرض للمركّب من الأعراض، و بيّنّا أيضا كيفيّة إدراكها بطريق
الحواسّ بتوسّط أعراضها، في رسائلنا «الطبيعيّات»، نريد أن نذكر في العقليّات
الجواهر الرّوحانيّة، لأنه لما كانت الموجودات كلها معقولة أو محسوسة، جواهر أو
أعراضا، أو مجموعا منهما؛ صورا، أو هيولى، أو مركّبا منهما؛ جسمانيّا، أو
روحانيّا، أو مقرونا بينهما؛ و كانت الجواهر الجسمانية منفعلة كلّها، مدركة بطريق
الحواسّ؛ و الجواهر الروحانيّة فاعلة و لا تدرك بطريق الحواسّ، و لا تعرف إلّا
بالعقل و بما يصدر عنها من الأفعال العقليّة، و الصّنائع العملية بعد العلمية في
الجواهر الجسمانية، احتجنا أن نذكر الصّنائع العلميّة في الهيوليات، و ماهيّاتها و
كمّيّاتها و كيفيّاتها، و كيفيّة إظهار صناعتها في الهيوليّات الموضوعة لها، ليكون
أوضح في الدليل على إثبات الذوات الروحانية الفاعلة، و أبين لمعرفة جواهرها، و
فنون حركاتها، و عجائب قوّتها، و غرائب علومها، و بدائع صنائعها، و اختلاف
أفعالها.