أعضائها، و تركيب أجسادها، و اختلاف صورها،
و ائتلاف ازواجها و فنون أصواتها، و منافرة طباعها، و تباين أخلاقها، و تشاكل
أفعالها؛ و معرفة أوقات هيجانها و سفادها، و اتخاذ أعشاشها، و رفقها بتربية
أولادها، و تحنّنها على صغار نتاجها، و معرفتها بمنافعها و مضارها، و أوطانها، و
أربابها و أعدائها و معارفها، و ما شاكل ذلك.
فالنّظر في هذه كلّها، و البحث عنها ينسب إلى العلوم الطبيعيات، و
كذلك علم الطّبّ و البيطرة، و سياسة الدواب و السّباع و الطيور و الحرث و النّسل؛
و علم الصنائع أجمع داخل في الطبيعيات.
فصل في العلوم الالهية
و العلوم الإلهية خمسة أنواع: أولها معرفة الباري، جلّ جلاله و عمّ
نواله، و صفة وحدانيّته، و كيف هو علّة الموجودات، و خالق المخلوقات، و فائض
الجود، و معطي الوجود، و معدن الفضائل و الخيرات، و حافظ النّظام، و مبقي الدّوام،
و مدبّر الكلّ؛ و عالم الغيب و الشهادة لا يعزب عنه مثقال ذرّة في الأرض و لا في
السماء، و أوّل كل شيء ابتداء، و آخر كلّ شيء انتهاء، و ظاهر كل شيء قدرة، و
باطن كل شيء علما، و هو السميع العليم اللطيف الخبير الرؤوف بالعباد، عزّ شأنه، و
جلّت قدرته، و تعالى جدّه، و جلّ ثناؤه، و لا إله غيره، تعالى عما يقول الظالمون
علوّا كبيرا.
و الثاني علم الروحانيات، و هو معرفة الجواهر البسيطة العقلية،
العلّامة الفعّالة، التي هي ملائكة اللّه، و خالص عباده؛ و هي الصّور المجرّدة من
الهيولى، المستعملة للأجسام المدبّرة بها، لها و منها أفعالها، و معرفة كيفيّة
ارتباط بعضها ببعض، و فيض بعضها على بعض، و هي أفلاك