الكون و الفساد، و فوزا بالوصول و الصعود
إلى عالم الأفلاك و سعة السماوات، و السّيحان في درجات الجنان، و التنفّس من ذلك
الرّوح و الريحان المذكور في القرآن.
فصل في العلم و المعلوم و التعلم و التعليم و أوجه السؤال
و ينبغي لطالبي العلم و الباحثين عن حقائق الأشياء ان يعرفوا أولا ما
العلم و ما المعلوم، و على كم وجه يكون السؤال، و ما جواب كل سؤال، حتى يدروا ما
الذي يسألون و ما الذي يجيبون إذا سئلوا، لأن الذي يسأل و لا يدري أيّ شيء سأل،
فإذا أجيب لا يدري بأي شيء أجيب.
و اعلم يا أخي بأن العلم إنما هو صورة المعلوم في نفس العالم، و ضدّه
الجهل و هو عدم تلك الصورة من النفس. و اعلم بأن أنفس العلماء علّامة بالفعل، و
أنفس المتعلمين علّامة بالقوّة، و ان التعلّم و التعليم ليسا شيئا سوى إخراج ما في
القوّة، يعني الامكان، إلى الفعل، يعني الوجود. فإذا نسب ذلك إلى العالم سمّي
تعليما، و ان نسب إلى المتعلم سمّي تعلّما.
و اعلم بأن السؤالات الفلسفيّة تسعة أنواع مثل تسعة آحاد: أولها، هل
هو؟ و الثاني، ما هو؟ و الثالث، كم هو؟ و الرابع، كيف هو؟ و الخامس، أيّ شيء هو؟
و السادس، أين هو؟ و السابع، متى هو؟ و الثامن، لم هو؟
و التاسع، من هو؟ تفسيرها: هل هو: سؤال يبحث عن وجدان شيء أو عن
عدمه، و الجواب نعم أو لا، و قد بيّنّا معنى الوجود و العدم في رسالة العقل و
المعقول، و ما هو: سؤال يبحث عن حقيقة الشيء؛ و حقيقة الشيء تعرف بالحدّ أو
بالرّسم، و ذلك أن الأشياء كلّها نوعان، مركّب و بسيط، فالمركّب مثل الجسم، و
البسيط مثل الهيولى و الصورة، و قد بيّنّا معناهما في رسالة الهيولى. و الأشياء
المركّبة تعرف حقيقتها إذا عرفت الأشياء التي