الرسالة السابعة من القسم الرياضي في
الصنائع العلمية و الغرض منها
بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه و سلام على عباده الذين اصطفى،
آللّه خير أمّا يشركون.
اعلم أيها الأخ، أيدك اللّه و إيانا بروح منه، انا قد فرغنا من ذكر
النّسب العددية، و أخبرنا بماهياتها و كميّة أجناسها و أنواع تلك الأجناس، و وصفنا
كيفيّة إظهارها من القوّة إلى الفعل، و بينّا ان الموضوع فيها كلها أجسام طبيعية،
و ان مصنوعاتها كلها جواهر جسمانية، و ان أغراضها كلها عمارة الأرض لتتميم أمر
معيشة الحياة الدنيا؛ فنريد أن نذكر في هذه الرّسالة الصنائع العلميّة التي هي
الموضوع فيها جواهر روحانية، التي هي أنفس المتعلّمين، و نبيّن ان تأثيراتها في
المتعلمين كلها روحانية، كما ذكرنا في رسالة المنطق، و نبيّن أيضا ماهيّة العلوم،
و نذكر كميّة أجناسها و أنواع تلك الأجناس، و نصف أيضا كيفية إخراج ما في قوة
النّفس من العلوم إلى الفعل الذي هو الغرض الأقصى في التعاليم، و هو إصلاح جواهر
النفوس، و تهذيب أخلاقها و تتميمها و تكميلها للبقاء في دار الآخرة التي هي دار
الحيوان، لو كانوا يعلمون، و الذين يريدون الخلود في الدّنيا هم الغافلون عن أمر
الآخرة.