متوالية، و كان المعلوم منها عددين، لم يمكن
استخراج المجهولين بالمعلومين، غير انه إذا كان الأول و الثاني معلومين، و كان
الثاني أكثر من الأول، قسم الثاني على الأول، فما خرج من أضعاف الأول و نسبته، فإن
في الرابع مثل ذلك من أضعاف الثالث؛ و إذا كان الأول أكثر من الثاني قسم الأول على
الثاني، فما خرج من القسمة، ففي الثالث مثل ذلك من أضعاف الرابع.
و أما قلب النّسبة فأن تجعل نسبة الأول إلى الثالث، كنسبة الثاني إلى
الرابع على الاستواء و العكس. و أما ترتيب النسبة، فأن تجعل نسبة الأول إلى الأول
و الثاني معا، كنسبة الثالث إلى الثالث و الرابع معا، و كذلك هو في العكس و
التبديل. و أما تفضيل النسبة فهو نسبة زيادة الأول على الثاني، إلى الثاني، كذلك
يكون نسبة زيادة الثالث على الرابع، إلى الرابع. و أما تنقيص النسبة فأن تجعل نسبة
ما بقي من الثاني، بعد ما نقص منه الأول، إلى الأول، كنسبة الرابع، بعد ما نقص منه
الثالث، إلى الثالث، و كذلك في العكس و تبديل النّسبة.
فصل في فضيلة علم النسب العددية و الهندسية و الموسيقية
اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أنه قد
اتفقت الأنبياء، صلوات اللّه عليهم، و الفلاسفة بأن اللّه، عزّ و جلّ، الذي لا
شريك له و لا شبه له، واحد بالحقيقة من جميع الوجوه، و أنّ كلّ ما سواه من جميع
الموجودات مثنويّة مؤلّفة و مركّبة. و ذلك أن اللّه لما أراد إيجاد العالم
الجسمانيّ اخترع أولا الأصلين و هما الهيولى و الصورة، ثم خلق منهما الجسم المطلق،
و جعل بعض الأجسام يعني الأركان على الطبائع الأربع التي هي الحرارة و البرودة و
اليبوسة و الرطوبة، و الأركان هي النار و الهواء و الماء و الأرض. ثم خلق من هذه
الأركان جميع ما على وجه الأرض