و طول أصابع يديه مناسبا لأصابع رجليه، و
طول أمعائه مناسبا لطول أوردته[1]، و تجويف
معدته مناسبا لكبر كبده، و مقدار قلبه مناسبا لكبر رئته، و شكل طحاله مناسبا لشكل
كبده، وسعة حلقومه مناسبة لكبر رئته، و طول أعضائه و غلظها مناسبا لكبر عظامه، و
طول أضلاعه و تقويسها مناسبا لصندوق صدره، و طول عروقه وسعتها مناسبا لبعد مسافة
أقطار جسده. و على هذا المثال إذا تأملت و اعتبرت كلّ عضو من أعضاء بدن الإنسان
وجدته مناسبا لجملة جثّته نسبة ما و مناسبا لعضو عضو من أعضاء الجسد نسبة أخرى، لا
يعلم كنه معرفتها إلّا اللّه، جلّ ثناؤه، الذي خلقها و صوّرها كما شاء، كيف يشاء،
كما ذكر بقوله، جلّ ثناؤه: «لَقَدْ خَلَقْنَا
الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ». و قال:
«خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ».
فصل في تناسب الأعضاء على الأصول الموسيقية
اعلم يا أخي، أيّدك اللّه و إيانا بروح منه، أن النّطفة إذا سلمت في
الرّحم من الآفات العارضة هناك، و من فساد الأخلاط و تغيّر المزاج و مناحس أشكال
الفلك، عند مسقط النقطة، و عند المبادي شهرا بشهر، و تمت بنية البدن و كملت صورة
الجسد، كما بيّنّا في رسالة لنا، خرج الطفل من الرّحم صحيح البنية تام الصورة،
فكان طول قامته ثمانية أشبار بشبره سواء. فمن رأس ركبتيه إلى أسفل قدميه شبران، و
من رأس ركبتيه إلى حقويه[2] شبران، و
من حقويه إلى رأس فؤاده شبران، و من رأس فؤاده إلى مفرق رأسه شبران. و إذا فتح
يديه و مدّهما يمنة و يسرة كما يفتح الطائر جناحيه، وجد ما بين رأس أصابع يده
اليمنى إلى رأس أصابع يده اليسرى ثمانية أشبار:
[1] -الأوردة: جمع الوريد و هو عرق في العنق، و هما
وريدان.